و الجواب: أن هذا قد یصح فی أدیان أخری، و لکن لا یصح أبدا فی الاسلام، فانه عقیدة و نظام، و خلق و قانون و قرآن و سلطان، لیس الانسان مشطورا فی الاسلام: شطر منه للدین و شطر آخر للدنیا، و لیست الحیاة مقسومة : بعضها لقیصر و بعضها لله. و انما الحیاة کلها و الانسان کله و الکون کله لله الواحد القهار.
جاء الاسلام رسالة شاملة هادیة فجعلت من هدفها تحریر الفرد و تکریمه و ترقیة المجتمع و اسعاده، و توجیه الشعوب و الحکومات الی الحق و الخیر و دعوة البشریة کلها الی الله: أن یعبدوه و لا یشرکوا به شیئا و لا یتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله.
و فی هذا الاطار جاء نظام الزکاة فلم تجعل من شؤون الفرد بل من وظیفة الحکومة الاسلامیة، فوکل الاسلام جبایتها و توزیعها علی مستحقیها الی الدولة لا الی ضمائر الافراد و حدها، و ذلک لجملة أسباب لا یحسن بشریعة الاسلام أن تهملها:
أولا: ان کثیرا من الافراد قد تموت ضمائرهم أو یصیبها السقم و الهزال فلا ضمان للفقیر اذا ترک حقه لمثل هؤلاء.
ثانیا: فی أخذ الفقیر حقه من الحکومة لا من الشخص الغنی حفظ لکرامته و صیانة لماء وجهه أن یراق بالسؤال و رعایة لمشاعره أن یجرحها المن و الاذی.
ثالثا: ان ترک هذا الامر للافراد یجعل التوزیع فوضی، فقد ینتبه أکثر من غنی لاعطاء فقیر واحد علی حین یغفل عن آخر فلا یفطن له أحد، و ربما کان أشد فقرا.
رابعا: ان صرف الزکاة لیس مقصورا علی الافراد من الفقراء و المساکین و أبناء السبیل، فمن الجهات التی تصرف فیها الزکاة مصالح عامة للمسلمین لا یقدرها الافراد، و انما یقدرها أولو الامر و أهل الشوری فی الجماعة المسلمة کاعطاء
.jpg)
