فالمراد منه علی الظاهر: أن فطرة الناس مجبولة علی العمل بالعهود و المواثیق الواقعة بینه و بین غیره و منها العهود التی وقعت بینه و بین الله بحسب الفطرة من اطاعة أوامره و العمل باحکامه و الوفاء بالمواثیق التی أخذها من عباده، فتدبر.
و قد تحصل مما ذکرناه بطوله: أن فی العبادات النیابیة لا أمر بالعبادة و لا قربة بالنسبة الی النائب و انما الامر أمر المنوب عنه و القرب قربه بمعنی اتیان الفعل بداعی امتثال أمره و سقوطه عنه.
و لو لا أدلة النیابة لقلنا باشتراط المباشرة مطلقا و عدم اجزاء فعل الغیر و لکن بعد تحکیم أدلة النیابة علی الادلة الاولیة یعلم أنه عند عدم تمکن المخاطب من امتثال أمره یکفی فعل النائب بعنوان النیابة فی حصول امتثال أمر المنوب عنه، و هذا معنی قربه. و الامر و ان لم یتوجه الی النائب و لکن یکفی فی باعثیته له وجود ملاکه المستکشف من أدلة النیابة .
هذا و لیجعل ما بیناه وجها ثالثا من وجوه رفع الاشکال فی المقام. و کان ما ذکرناه علی أساس تنزیل العمل منزلة العمل، و ان لم یکن کلام مستند العروة علی هذا الاساس فلاحظ.
الوجه الرابع: ما یقرب مما ذکرناه و لکن لا علی أساس تنزیل الشخص أو العمل، بل باتیان نفس ما وجب علی الغیر من دون تنزیل، نظیر أداء دین الغیر.
و قد مر منا أن أداء دین الغیر لا یشتمل علی التنزیل و الادعاء. بل المتبرع بشخصه یؤدی ما علی الغیر بقصد فراغ ذمته.