و بعبارة أوضح : یعتبر فی عبادیة العمل أمران: أحدهما تعلق ارادة الفاعل بعین ما تعلقت به ارادة الامر.
و ثانیهما کون الداعی له فی ذلک امتثال أمره و تحصیل مراده. فلو کان المامور به مقیدا بقیود خاصة لا یکفی فی صدق الامتثال نیة أصل الطبیعة باطلاقها أو المقیدة بقیود أخر لعدم تعلق هذا الامر بهما.
فلو أمر المولی باحضار عالم أو طبیب مثلا لا یصدق اطاعته و امتثال أمره هذا الا بالقصد الی احضار رجل معنون بهذا العنوان الخاص، سواء کان هناک أمر آخر متعلق باحضار شخص آخر من مطلق الرجل أو من صنف آخر منه أم لا. و بذلک یظهر عدم الفرق بین کون المامور واحدا أو متعددا. نعم یکفی فی الاول القصد الاجمالی الی ما فی ذمته فیکون هذا عنوانا مشیرا الی المامور به بخصوصیاته الملحوظة للامر. بل یکفی فی الثانی أیضا القصد الی ما تعلقت ذمته به أولا مع اشتراکهما بحسب الهیئة و الصورة الخارجیة کصلاتی الظهر و العصر مثلا.
أقول: ان کان المامور به من العناوین القصدیة أی الامور الاعتباریة المتقومة بالاعتبار و القصد فالقصد الیه معتبر جزما لا لتوقف العبادیة و عنوان الاطاعة علیه، بل لان الماهیة التی أمر بها لا تنطبق علی معنونها خارجا الا بالقصد، من غیر فرق بین أن یکون الامر به تعبدیا أو توصلیا.
بل و لو لم تکن الماهیة مامورا بها، و لکن أراد الفاعل تحققها، لان المفروض أنها لا تتحقق خارجا الا بالقصد. و ذلک کعناوین العقود و الایقاعات، و المرکبات و المهیات الاختراعیة التی أوجبها الشرع المبین، کالصلاة و الصیام و الحج و الزکاة و الخمس و الکفارة و نحوها، فان انطباق هذه العناوین علی ذوات الافعال الصادرة لا یکون الا بالقصد. و هکذا عنوان النیابة عن الغیر و القضاء و البدلیة و نحوها.