أقول: یرجع محصل کلامه الی أن المعتبر هو الحاجة الیها فی الجهة التی أخذت لها لا الفقر المصطلح، وفاقا لما مر من المدارک و خلافا للمسالک . فلیس الغنی فی الروایة قسیما للفقیر المصطلح، بل یراد به عدم الحاجة فی الجهة و یکون أمرا نسبیا. و یمکن أن یناقش هذا بان الظاهر منه فی خبر أبی سعید الخدری عنه (ص) بقرینة استثناء الخمسة هو الغنی المصطلح فی قبال الفقیر المصطلح، و حینئذ فیحمل علیه المطلقات الواردة بلا استثناء أیضا، فتدبر.
بقی الکلام فی الروایات الظاهرة فی اعتبار الفقر.
و یمکن أن یجاب عنها بعدم ظهورها فی الحصر کما مر من التذکرة، فلعل الغرض فیها بیان أهم المصارف و أوضحها و لا سیما فی وقت التشریع، أو یکون ذکر الفقراء من باب المثال، و المقصود الصرف فی الاصناف الثمانیة المذکورة فی الایة، أو یراد بالفقر هنا أیضا الحاجة لا الفقر المصطلح، و یراد بالحاجة الاعم من حاجة الاشخاص أو حاجة المصارف و الجهات.
فاذا فرض حاجة المجتمع و البلد الی المساجد و المدارس و المستشفیات و حاجة هذه المصارف الی صرف الزکاة فیها فالحاجة و الفقر صادقان و ان فرض کون من یصرفها فی المصارف أو ینتفع منها غنیا بحسب معاش نفسه.
و المشاریع و المصالح العامة المحدثة لا محالة ینتفع منها جمیع الامة أو أصناف خاصة منها حسب تعیین قیم المجتمع و البلد.
و بالجملة فالمعتبر فی سبیل الله، هو الحاجة لا الفقر المصطلح، و یراد بها حاجة المصارف و الجهات لا حاجة کل شخص شخص.
و لا یبعد اعتبار الحاجة بهذا المعنی، اذ الزکاة شرعت لسد الخلات و الحاجات