أقول: الظاهر ان المسألة لیست من المسائل الاصلیة المأثورة عن الائمة (ع) بل من المسائل التفریعیة الاستنباطیة . و لذا لا تجدها فی الکتب الموضوعة لنقل المسائل المأثورة کالنهایة و المقنعة و الهدایة و المقنع و المراسم و الغنیة و نحوها. و انما تعرض لها الشیخ فی خلافه و فی مبسوطه الموضوع للتفریعات علی ما صرح به فی اول المبسوط. و قد ذکرنا غیر مرة عدم حجیة الاجماع و الاتفاق فی هذا السنخ من المسائل المستنبطة من القواعد و الاصول باعمال النظر، نظیر المسائل العقلیة النظریة . فاتمام المسألة من طریق الاجماع و الاتفاق فضلا عن الشهرة مشکل.
و العجب من صاحب الحدائق مع انکاره لحجیة الاجماع من رأس ذکر من ادلة المسألة هنا اتفاق الاصحاب علی الحکم، فراجع.
و کیف کان ففی الخلاف (کتاب قسمة الصدقات، المسألة 12): "اذا طالب من ظاهره القوة و الفقر، و لا یعلم انه قادر علی التکسب اعطی من الزکاة بلا یمین. و للشافعی فیه قولان: احدهما مثل ما قلناه، و الثانی انه یطالب بالبینة علی ذلک . دلیلنا ما قلناه فی المسألة الاولی سواء" الخلاف 350/2 .
و فی المسألة 11 قال: "دلیلنا اجماع الفرقة و اخبارهم" الخلاف 350/2 . و لکن لا ربط لتلک المسألة بمسألتنا.
و المعتاد من الشیخ ارجاع احدی المسألتین الی الاخری اذا کانتا متناسبتین، و کأنهما شقا مسألة واحدة . فمن المحتمل سقوط مسألة هنا، فقد کان قبل مسألتنا هذه مسألة مطالبة الشخص الذی ظاهره الضعف، ثم عنون هنا مطالبة من ظاهره القوة .
و فی المبسوط: "فالفقراء و المساکین اذا ادعی انسان انه منهم و طلب ان یعطی من الصدقة فان لم یکن عرف له مال فالقول قوله و یعطی من غیر بینة و لا استحلاف، لان الاصل عدم المال. و ان عرف له مال و ادعی ذهابه و تلفه لم یقبل قوله الا ببینة، لان الاصل بقاء المال" المبسوط 253/1 .