آیت‌الله منتظری

الامر الثانی: لا اشکال فی وجوب الفحص فی الشبهات الحکمیة و عدم جواز اجراء البرائة قبله.

و یدل علی الوجوب فیها الادلة الاربعة : الاجماع القطعی علی عدم جواز العمل بالاصل قبل استفراغ الوسع فی الادلة، و الایات الدالة علی وجوب النفر و السؤال، و الاخبار الدالة علی لزوم التعلم و مؤاخذة الجهال بترکه، و العقل الحاکم بلزوم المراجعة الی الکتب و الطوامیر المقررة من قبل المولی اذا کان بناؤه علی اعلام الاحکام و القوانین بهذا الطریق و ذم تارک المراجعة الیها مضافا الی حکمه بالاحتیاط او الفحص فی اطراف العلم الاجمالی بوجود الاحکام اجمالا من قبل المولی، فهذه فی الجملة مما لا شک فیها انما الاشکال فی انه هل یجب الفحص فی الشبهات الموضوعیة أیضا او یجوز اجزاء البرائة فیها قبله.

ففی الرسائل ما حاصله: "ان کانت الشبهة فی التحریم فلا اشکال و لا خلاف ظاهرا فی عدم وجوب الفحص، و یدل علیه اطلاق اخبار اصالة الحل و ان کانت الشبهة وجوبیة فمقتضی أدلة البرائة حتی العقل کبعض کلمات العلماء عدم وجوب الفحص أیضا و هو مقتضی حکم العقلاء فی مثل قوله: "أکرم العلماء أو المؤمنین" الا انه قد یترائی ان بناء العقلاء فی بعض الموارد علی الفحص و الاحتیاط کما اذا أمر المولی باحضار علماء البلد او اطبائها او اعطاء کل واحد منهم درهما... و فی القوانین ان الواجبات المشروطة بوجود شئ انما یتوقف وجوبها علی وجود الشرط لا علی العلم بوجوده فبالنسبة الی العلم مطلق لا مشروط فمن شک فی کون ماله بمقدار استطاعة الحج لعدم علمه بمقدار المال لا یمکنه أن یقول انی لا اعلم انی مستطیع و لا یجب علی شئ بل یجب علیه محاسبة ماله... ثم الذی یمکن أن یقال فی وجوب الفحص انه اذا کان العلم باموضوع المنوط به التکلیف یتوقف کثیرا علی الفحص بحیث لو اهمل الفحص لزم الوقوع فی مخالفة التکلیف کثیرا تعیین هنا بحکم العقلاء اعتبار الفحص ثم العمل بالبرائة کبعض الامثلة المتقدمة". انتهی ما أردنا نقله من الرسائل.

أقول: الفرق بین قوله: "أکرم العلماء" و بین قوله: "أکرم علماء البلد أو أحضرهم" لعله من جهة ان سعة الموضوع فی الاول و عدم التمکن من استیعاب أفراده غالبا قرینة علی عدم ارادة الاستیعاب بل ذکرهم بعنوان المصرف بخلاف الثانی فان المراد منه ما هو ظاهره من الاستیعاب.

ثم أقول: لو کان الشک فی الموضوع مما یرتفع بمثل النظر أو المراجعة الی الدفتر بلا صعوبة فالظاهر انصراف أدلة الحلیة و البرائة عن مثله، فلو شک فی ان ما فی الوعاء ماء أو خمر و کان یرتفع شکه بصرف التوجه و النظر أو شک فی ان طلب زید منه مأة أو ماءتان و یرتفع بصرف النظر فی دفتر محاسباته فهل یجری فی مثله حدیث الرفع و نحوه ؟ الظاهر من الحدیث و لا سیما بقرینة سائر فقراته