الانتظامات الداخلیة وسد الثغور و الامر بالجهاد و الدفاع عند هجوم الاعداء و نحو ذلک مما یرتبط بسیاسة المدن. فلیست هذه الامور مما یتصداها کل أحد، بل تکون من وظائف قیم الاجتماع و من بیده أزمة الامور الاجتماعیة و علیه أعباء الریاسة و الخلافة .
الثانی: لایبقی شک لمن تتبع قوانین الاسلام و ضوابطه فی أنه دین سیاسی اجتماعی، و لیست أحکامه مقصورة علی العبادیات المحضة المشروعة لتکمیل الافراد و تامین سعادة الاخرة، بل یکون أکثر أحکامه مربوطة بسیاسة المدن و تنظیم الاجتماع و تامین سعادة هذه النشاة، أو جامعة للحسنیین و مرتبطة بالنشاتین، و ذلک کاحکام المعاملات و السیاسات من الحدود و القصاص والدیات و الاحکام القضائیة المشروعة لفصل الخصومات و الاحکام الکثیرة الواردة لتامین المالیات التی یتوقف علیها حفظ دولة الاسلام کالاخماس و الزکوات و نحوهماکیف ! و دین الاسلام خاتم الادیان و قد شرع فیه الاحکام لجمیع الامصار فی جمیع الاعصار الی یوم القیامة، و جمیع مایحتاج الیه البشر من أول انعقاد نطفته الی حین الوفاة، بل و بعدها، و جمیع حرکاته و سکناته مما جعل مطرحا لنظر شارع الاسلام و شرع له حکما من الاحکام. فهل الشارع الذی تصدی لبیان آداب الاکل و الشرب بخصوصیاتهما و آداب الجماع و التخلی و أمثالهما أهمل الامور المهمه التی یتوقف علیها انتظام أمر المعاش و المعاد و یختل بدونها النظام ؟ ح ع - م.. و لاجل ذلک اتفق الخاصة و العامة علی أنه یلزم فی محیط الاسلام وجود سائس و زعیم یدبر أمور المسلمین، بل هو من ضروریات الاسلام و ان اختلفوا فی شرائطه و خصوصیاته و أن تعیینه من قبل رسول الله (ص) أو بالانتخاب العمومی.
الثالث: لایخفی أن سیاسة المدن و تامین الجهات الاجتماعیة فی دین الاسلام لم تکن منحازة عن الجهات الروحانیة و الشؤون المربوطة بتبلیغ الاحکام و ارشاد المسلمین، بل کانت السیاسة فیه من الصدر الاول مختلطة بالدیانة و من شؤونها،