الجمعة و الاخبار السابقة الدالة علی وجوب الجمعة انما دلت علی وجوب الحضور و السعی الی الجمعة بعد ما انعقدت صحیحة، و لیست ناظرة الی حکم اقامة الجمعة فضلا عن شرائطها کما عرفت، فلیس لنا فی باب اقامة الجمعة اطلاقات یتمسک بها لنفی شرطیة اذن الامام و جواز اقامتها لکل أحد. فمدعی جواز اقامتها بدون اذنه فضلا عن وجوبها یحتاج الی دلیل سوی الایة الشریفة و الاخبار السابقة، فافهم و اغتنم.
هذا تمام الکلام فی الجهة الاولی.
الجهة الثانیة : هل تحرم الجمعة فی حال الغیبة ؟
و أما الجهة الثانیة، أعنی ثبوت الاذن للفقهاء أو للجمیع، أو عدم ثبوته فقد عرفت أن الاقوال بحسبها ثلاثة :
الاول: الحرمة و عدم ثبوت الاذن، و به قال سلار و ابن ادریس.
الثانی: ثبوت الاذن للفقهاء خاصة، کما یدل علیه کلام الشیخ فی باب الامر بالمعروف من النهایة .
الثالث: ثبوته لجمیع المؤمنین، و یدل علیه کلامه فی باب الجمعة منه، و قد مر جمیع ذلک عند نقل الاقوال، فراجع.
واعلم: أن فی کلمات الشیخ (قده) فی المسالة مناقضة من وجهین:
الاول: ما ذکرنا آنفا من القول بالاذن للفقهاء تارة و لجمیع المؤمنین أخری.
الثانی: أنه ذکر فی کتبه أن شروط الجمعة علی ضربین: أحدهما یرجع الی من وجب علیه حضورها کالذکورة و الحریة و نحوهما. و ثانیهما یرجع الی صحة انعقادها کالسلطان أو من نصبه و العدد و نحوهما. و هذا الکلام بظاهره ینافی الفتوی بالترخیص لاهل القری فی اقامتها کما أفتی به فی کتبه الثلاثة : المبسوط و الخلاف و النهایة .
و قد أشار الی المناقضة الثانیة مع جوابها فی کتاب الخلاف بقوله: فان قیل: "ألیس قد رویتم..." و قد تقدم عند نقل الاقوال، فراجع.