الجهة الثالثة :
فی أنه یجب علی امام المسلمین و عماله أن یرفقوا بأهل الجزیة و الخراج و یخففوا عنهم بما یصلح به أمرهم و لا یجوز تعذیبهم و التضییق علیهم فی أمر الخراج و الجزیة :
1 - ففی نهج البلاغة فی کتابه (ع) لمالک قال: "و تفقد أمر الخراج بما یصلح أهله، فان فی صلاحه و صلاحهم صلاحا لمن سواهم، و لا صلاح لمن سواهم الا بهم، لان الناس کلهم عیال علی الخراج و أهله. و لیکن نظرک فی عمارة الارض أبلغ من نظرک فی استجلاب الخراج لان ذلک لا یدرک الا بالعمارة . و من طلب الخراج بغیر عمارة أخرب البلاد و أهلک العباد و لم یستقم أمره الا قلیلا. فان شکوا ثقلا أو علة أو انقطاع شرب أو بالة، أو احالة أرض اغتمرها غرق أو أجحف بها عطش، خففت عنهم بما ترجو أن یصلح به أمرهم.
و لا یثقلن علیک شئ خففت به المؤونة عنهم، فانه ذخر یعودون به علیک فی عمارة بلادک و تزیین ولایتک، مع استجلابک حسن ثنائهم و تبجحک باستفاضة العدل فیهم معتمدا فضل قوتهم بما ذخرت عندهم من اجمامک لهم و الثقة منهم بما عودتهم من عدلک علیهم فی رفقک بهم. فربما حدث من الامور ما اذا عولت فیه علیهم من بعد احتملوه طیبة أنفسهم به، فان العمران محتمل ما حملته، و انما یؤتی خراب الارض من اعواز أهلها، و انما یعوز أهلها لاشراف أنفس الولاة علی الجمع و سوء ظنهم بالبقاء و قلة انتفاعهم بالعبر."نهج البلاغة، فیض 1013/؛ عبده 106/3؛ لح 436/، الکتاب 53.
أقول: المراد بالثقل: ثقل الخراج المضروب. و البالة : ما یبل الارض من مطر وندی. و احالة الارض: تحویلها البذور الی الفساد. و التبجح : السرور. و الاجمام: الاراحة .
فلیتأمل فی هذه الکلمات الشریفة أولیاء الامور و جباة الاموال و الضرائب