و لکن الظاهر من الماوردی و أبی یعلی کونهما متباینین، فقد مر عن الماوردی قوله:
"و الجزیة و الخراج حقان أوصل الله - سبحانه و تعالی - المسلمین الیهما من المشرکین، یجتمعان من ثلاثة أوجه و یفترقان من ثلاثة أوجه ثم تتفرع أحکامهما:
فأما الاوجه التی یجتمعان فیها فأحدها: أن کل واحد منهما مأخوذ عن مشرک صغارا له و ذلة . و الثانی: أنهما مالا فئ یصرفان فی أهل الفئ. و الثالث: أنهما یجبان بحلول الحول و لا یستحقان قبله.
و أما الاوجه التی یفترقان فیها فأحدها: أن الجزیة نص و أن الخراج اجتهاد. و الثانی: أن أقل الجزیة مقدر بالشرع و أکثرها مقدر بالاجتهاد، و الخراج أقله و أکثره مقدر بالاجتهاد. و الثالث أن الجزیة تؤخذ مع بقاء الکفر و تسقط بحدوث الاسلام، و الخراج یؤخذ مع الکفر و الاسلام."الاحکام السلطانیة للماوردی 142/.
و ذکر نحو ذلک أبویعلی الفراء أیضا.الاحکام السلطانیة لابی یعلی 153/.
أقول: قد مر منا أن مقدار الجزیة أیضا عندنا مفوض الی الامام قلة و کثرة، و أن الجزیة أیضا قد توضع علی الارض.
و قال الماوردی فی فصل الخراج ما ملخصه و محصله:
"و أما الخراج فهو ما وضع علی رقاب الارض من حقوق تؤدی عنها، قال الله - تعالی - : "أم تسألهم خرجا فخراج ربک خیر." و فی قوله: "أم تسألهم خرجا" و جهان: أحدهما: أجرا، و الثانی: نفعا. و فی قوله: "فخراج ربک خیر" و جهان: أحدهما: فرزق ربک فی الدنیا خیر منه. و الثانی: فأجر ربک فی الاخرة خیر منه. قال أبو عمرو بن العلاء: و الفرق بین الخرج و الخراج أن الخرج من الرقاب و الخراج من الارض. و الخراج فی لغة العرب اسم للکراء و الغلة، و منه قول النبی (ص): "الخراج بالضمان."
و الارضون کلها تنقسم أربعة أقسام: