الجهة الثانیة عشرة : فی اشارة اجمالیة الی شرائط الذمة :
أقول: شرائط الذمة کثیرة و بابها واسع و البحث فیها تفصیلا لا یناسب المقام، حیث ان بحثنا هنا فی المنابع المالیة للدولة الاسلامیة، فلنکتف فی هذه الجهة بنقل بعض الکلمات من أعاظم الفقهاء و نعقبها بسرد بعض الاخبار المناسبة و نحیل البحث التفصیلی و الاستدلال علیها الی مظانه و أهله فنقول:
1 - قال الشیخ فی کتاب الجزیة من الخلاف (المسألة 22):
"أهل الذمة اذا فعلوا ما یجب به الحد مما یحرم فی شرعهم مثل الزنا و اللواطة و السرقة و القتل و القطع أقیم علیهم الحد بلا خلاف، لانهم عقدوا الذمة بشرط أن تجری علیهم أحکامنا.
و ان فعلوا ما یستحلونه مثل شرب الخمر و أکل لحم الخنزیر و نکاح المحرمات فلا یجوز أن یتعرض لهم ما لم یظهروه بلا خلاف. فان أظهروه و أعلنوه کان للامام أن یقیم علیهم الحدود. و قال جمیع الفقهاء: لیس له أن یقیم الحدود التامة بل یعزرهم علی ذلک لانهم یستحلون ذلک و یعتقدون اباحته.
دلیلنا الایات الموجبات لاقامة الحدود، و هی علی عمومها، و انما خصصنا حال الاستتار بدلیل الاجماع. و أیضا علیه اجماع الفرقة ."الخلاف 242/3.
2 - و فی جهاد النهایة :
"و شرائط الذمة : الامتناع من مجاهرة المسلمین بأکل لحم الخنزیر و شرب الخمور و أکل الربا و نکاح المحرمات فی شریعة الاسلام، فمتی فعلوا شیئا من ذلک فقد خرجوا من الذمة و جری علیهم أحکام الکفار."النهایة 292/.
أقول: و ظاهره الاطلاق، فیعم ما اذا شرط علیهم ذلک فی العقد و ما اذا لم یشرط، اللهم الا أن یراد بالشرائط خصوص ما یشرط فی العقد.
3 - و فی جهاد المبسوط:
"و من تقبل منه الجزیة انما تقبل منه اذا التزم شرائط الذمة، و هی الامتناع عن مجاهرة المسلمین بأکل لحم الخنزیر و شرب الخمر و أکل الربا و نکاح المحرمات فی شرع الاسلام، فمتی لم یقبلوا ذلک أو شیئا منه لا تقبل منهم الجزیة . و ان قبلوا ذلک ثم فعلوا شیئا من ذلک فقد