فما أدری لماذا اخذوا من فاطمة (ع) نحلة أبیها، و هل کانت هی فقط من الاموال العامة للمسلمین ؟ نعم، فدک کانت دعما لبیت الامامة و الوصایة کما مر، و هذا کان سبب ابتزازها.
و مما یشهد لما ذکرناه من ارتباط أمر فدک بموضوع الخلافة و الامامة، و أن اعطأها لفاطمة (ع) کان لدعم بیت الامامة لا بلحاظ العواطف الشخصیة ما ورد من أن اعطأها وقع بعد نزول قوله - تعالی - : "و آت ذا القربی حقه." و قد أجمع أصحابنا الامامیة الا ما شذ علی أن المراد بذی القربی هو الامام، و به فسر فی بعض الاخبار أیضا. فهو(ص) انما أعطاها فاطمة بما أنها کانت أم الائمة الطاهرة و قرینة لاول الاوصیاء. و لعل شدة قربها من النبی (ص) توجب الحیاء من هتک حریمها، و العواطف تعوق دون ابتزاز حقها، و لکن ید السیاسة هدمت ما أسسه النبی (ص) و بناه، و ما أدریک ما السیاسة ؟!
و یشهد لذلک أیضا: ما ورد فی تحدید فدک بحدود المملکة الاسلامیة بسعتها، أو بمطلق ما لم یوجف علیه المرتبط بمنصب الامامة و مقامها:
ففی المناقب عن کتاب أخبار الخلفاء: "أن هارون الرشید کان یقول لموسی بن جعفر(ع) خذ فدک حتی أردها الیک، فیأبی حتی ألح علیه، فقال (ع): لا آخذها الا بحدودها، قال: و ما حدودها؟ قال: ان حددتها لم تردها. قال: بحق جدک الا فعلت. قال: أما الحد الاول فعدن. فتغیر وجه الرشید، و قال: ایها! قل: و الحد الثانی سمرقند، فاربد وجهه. قال: و الحد الثالث افریقیة، فاسود وجهه و قال: هیه ! قال: و الرابع سیف البحر مما یلی الجزر و ارمینیة . قال الرشید: فلم یبق لنا شئ، فتحول الی مجلسی ! قال موسی: قد أعلمتک أننی ان حددتها لم تردها. فعند ذلک عزم علی قتله."المناقب 435/3.
.jpg)
