و تدل علی ذلک مضافا الی وضوحه ما مر من روایة صفوان و البزنطی و مرسلة حماد الطویلة و غیر ذلک من الاخبار. و لا یجوز لاحد أن یتصرف فیها جزافا بلا اذن. و ما مر من المبسوط من قوله: "و لا یصح أن یبنی دورا و منازل و مساجد و سقایات و لا غیر ذلک من أنواع التصرف"، یحمل لا محالة علی صورة عدم الاذن أو ما اذا تصرف فیها بقصد تملک الارض غصبا. هذا فی حال حضور الامام و التمکن منه.
و أما عصر الغیبة فالقاعدة تقتضی أن یکون المتصدی لها هو الفقیه الجامع لشرائط الحکم و الولایة، علی ما مر بیانه من عموم ولایته. و لو لم یوجد أو تعذر الرجوع الیه تصدی لها عدول المؤمنین، لکونه من الامور الحسبیة التی لا مجال لاهمالها. و لا وجه للرجوع فیها الی حکام الجور و الطواغیت فی حال الاختیار مع ما نراه من تحذیر الائمة (ع) من الرجوع الیهم.
و ربما یستفاد من بعض العبارات - مثل ما مر فی الامر السابق من التهذیب و الدروس و جامع المقاصد و نحو ذلک من الکلمات - القول باباحة الائمة (ع) لشیعتهم التصرف فیها فی عصر الغیبة تسهیلا لهم، کما أباحوا التصرف فی سائر الانفال، أما بلا خراج أو مع الالتزام بخراجها و صرفه فی مصالح المسلمین.
قال فی الحدائق:
"و احتمال التصرف فیها للشیعة مطلقا و الحال هذه لا یخلو من قوة، لانها و ان کانت منوطة بنظر الامام (ع) کما هو مدلول خبری أحمد بن محمد بن أبی نصر المتقدمین و کذا روایة حماد بن عیسی، مع وجوده و تمکنه، الا أنه مع عدم ذلک لا یبعد سقوط الحکم و جواز التصرف. و لیس الرجوع الی حاکم الجور - بعد تعذر الرجوع الیه (ع) کما علیه ظاهر الاصحاب - بأولی من الرجوع الی المسلمین یتصرفون کیف شاؤوا و أرادوا، لا سیما مع استلزام ما ذکروه المعاونة علی الاثم