8 - التقلید و أدلته
لایخفی أن استنباط الاحکام الشرعیة و استخراجها من أدلتها و منابعها یکون بتصدی المجتهد الفقیه العالم بالکتاب، و السنة، و أحکام العقل القطعیة، و ما یتوقف علیه الاستنباط من العلوم المختلفة .
فمن یکون مجتهدا فعلیه الاستنباط و العمل بما فهمه و استنبطه، أو الاحتیاط فی مقام العمل.
و من لم یبلغ مرتبة الاجتهاد فلا محالة یحتاط فی العمل مع الامکان أو یرجع الی فتوی من اجتهد و استنبط.
و علی هذا فعلی النواب فی مجلس الشوری أیضا الرجوع فی تخطیطهم و برامجهم السیاسیة الی فتاوی المجتهد الواجد للشرائط. و الاحوط بل الاقوی فی المسائل الخلافیة رعایة الاعلمیة أیضا علی ما یقتضیه ارتکاز العقلاء و سیرتهم، کما أنه المتعین لامر الولایة أیضا اذا وجد سائر الشرائط کما مر.
و قد استقرت سیرة العقلاء فی جمیع الاعصار و الامصار من جمیع الامم و المذاهب علی رجوع الجاهل فی کل فن الی العالم الخبیر المتخصص فیه اذا کان ثقة، و قد یعبر عنه بأهل الخبرة .
فالمریض یرجع الی الطبیب الحاذق الثقة و یعمل برأیه. والمتعاملان یرجعان فی معاملاتهما الی المتخصص فی معرفة الامتعة و قیمها. و هکذا فی سائر الامور التخصصیة .
بل لایمکن أن یستقیم نظام بدون التقلید اجمالا، اذ لایوجد مجتمع یستطیع جمیع أفراده تحصیل المعرفة التفصیلیة بجمیع ما یتصل بحیاتهم من الهندسة و الطب و أصول الصناعات و الحرف الضروریة .