و أما علماء السنة ففیهم خلاف: بعضهم مخطئة، و بعض منهم مصوبة : قال الامام فخرالدین الرازی فی بحث الاجتهاد من کتاب المحصول:
"فان لم یکن لله - تعالی - فیها حکم فهذا قول من قال: "کل مجتهد مصیب." و هم جمهور المتکلمین منا کالاشعری و القاضی أبی بکر، و من المعتزلة کأبی الهذیل و أبی علی و أبی هاشم و اتباعهم."المحصول / القسم الثالث من الجزء الثانی 47/.
و قال الامام الغزالی فی المستصفی:
"الذی ذهب الیه محققوا المصوبة أنه لیس فی الواقعة التی لانص فیها حکم معین یطلب بالظن، بل الحکم یتبع الظن. و حکم الله علی کل مجتهد ما غلب علی ظنه، و هو المختار، و الیه ذهب القاضی."المستصفی 363/2.
أقول: عمدة نظر المصوبة کان الی تصویب آراء الصحابة و أفعالهم. فکانوا یظنون أن مطلق من صاحب النبی (ص) فهو ممن لم یخطئ أبدا فضلا عن أن یصدر عنه فسق أو جور.
و لکن الحق فی المسألة هو ما عرفته من أصحابنا الامامیة من القول بالتخطئة .
و قال ابن حزم الاندلسی فی المحلی:
"مسألة : و الحق من الاقوال فی واحد منها و سائرها خطاء... فصح أن الحق فی الاقوال ما حکم الله - تعالی - به فیه، و هو واحد لایختلف، و ان الخطاء ما لم یکن من عند الله - عزوجل - .
و من ادعی أن الاقوال کلها حق و أن کل مجتهد مصیب فقد قال قولا لم یأت به قرآن و لاسنة و لااجماع و لامعقول، و ما کان هکذا فهو باطل."المحلی لابن حزم 70/1، المسألة 109.