و لعل تشخیص کون الحبس من هذ القبیل یکون من وظائف الحاکم المحیط بأوضاع البلد و احتیاجات أهله، و لذا أمر أمیرالمؤمنین (ع) مالکا و رفاعة بالمنع و النهی عنه و تنکیل المرتکب و معاقبته.
الثانی: أن یحصل بحبسه و حبس أمثاله ترقی القیمة السوقیة للمتاع و لکن لابنحو یقع الناس فی الضیق و الشدة، اذ یوجد من یعرض المتاع کثیرا بقدر الحاجة، و یکون الترقی بنحو یتحمل عادة .
و شمول أدلة النهی لهذه الصورة مشکل بل ممنوع، و لاسیما اذا لم نقل بجواز التسعیر علی المالک، بل لعل المستفاد من اطلاق الصحیحتین و نحوهما عدم الحرمة فی هذه الصورة .
نعم، قد یقال: ان مادل علی اللعن بعد الاربعین فی الخصب یدل علی الحرمة بعد الاربعین مطلقا، فیشمل المقام أیضا، و لکنه مشکل لقوة احتمال کون ذکر الثلاثة و الاربعین بلحاظ الاعم الاغلب، کما مر.
الثالث: أن یکون الحبس لانتظار النفاق و الرواج. فان الامتعة حین حصادها و ورودها فی السوق من جمیع النواحی ربما تواجه الکساد و نزول القیمة، فربما تحبس للازمنة الاتیة فرارا من الکساد. و التجار کما یراعون فی تجاراتهم أسعار الامکنة و البلدان المختلفة و رغباتها یراعون أسعار الازمنة و رغباتها أیضا، و کلما احتاج الناس الی الامتعة عرضوها بأسعار عادلة .
و لایخفی أن هذه تجارة مربحة مرغب فیها شرعا، و لایصدق علی هذا النحو من الحبس مفهوم الحکرة أصلا.
الرابع: أن یکون حبسه لادخار قوت سنته؛ له و لعیاله، لا للبیع و التجارة . و قد تعارف ادخار الناس لقوت سنتهم و ان صار اقدام الکثیر منهم لهذا الامر موجبا لرواج المتاع و ترقی قیمته قهرا.