صفحه ۵۸۲

ارتباط المستخبرین بجهاز القضاء و غیره من أجهزة الحکومة، و یمیز وظیفة کل منها لئلا یتدخل أحد منهم فیما لیس من شأنه ومسؤولیته. و لایجوز أن یفوض الامر بنحو الاطلاق الی الموظف فی الاستخبارات بحیث یصنع کل ما شاء و أراد، کما هو الرائج فی الحکومات الاستبدادیة .

و ثانیا: اعمال الدقة و التعمق فی انتخاب الموظفین من بین أهل العقل و التجربة و الصدق و الامانة و الفطنة و الصرامة و الرحمة و الشفقة بالعباد و الالتزام بموازین الاسلام، کما مر. و قد مر فی الفصل الرابع من الباب السادس عند البحث عن السلطة التنفیذیة روایات کثیرة تدل علی مواصفات الوزراء و العمال، فراجع.

و ثالثا: مراقبتهم حینا بعد حین بعیون بصیرة نافذة تراقبهم فی أعمالهم و عشرتهم، ثم مجازاة المتخلفین منهم بأشد المجازاة، و لیس کل ذلک الا لخطورة هذه الوظیفة و حساسیتها.

ولو فرض انحراف هذه الموسسة الخطیرة الدقیقة عن برامجها و أهدافها ولو بنقطة صارت فی المآل فاجعة علی الدولة و الامة معا، کما شوهد نظیره فی کثیر من الدول. ألاتری أن وقوع انفراج ما فی رأس الزاویة یوجب تزاید الانفراج و تباعد الخطین بازدیاد البعد عن نقطة الرأس، فتدبر.

و بما ذکرنا یظهر أن جهاز الاستخبارات أیضا یحتاج الی جهاز استخبار فوقه یراقب موظفیه و یتجسس علی أعضائه و موظفیه و لاسیما اذا اتسع الجهاز و تکثرت شعبه و أعضاؤه کما فی عصرنا.

کیف ؟! و یمکن أن یبلغ جهاز الاستخبارات بسعته و کثرة شعبه و قدرته المخوفة و خفاء قراراته و نشاطاته حدا یتدخل سرا فی جمیع الشؤون و فی نصب المقامات و عزلها و اسقاط الحکومات و الدول، بل ربما یتدخل فی شؤون سائر البلاد حتی فی

ناوبری کتاب