صفحه ۵۷۱

الفصل الرابع:

فی مراقبة الامة فی حاجاتها و خلا تها و شکایاتها و ماتتوقعه من الحکومة المرکزیة و فی تعهداتها للحکومة و ماتتوقعه الحکومة منها:

اعلم أن تأسیس الدولة عندنا لیس لاعمال السلطة و القدرة علی العباد و الاستبداد علیهم من الحاکم بما شاء و أراد، بل لادارة امور الامة بالقسط و العدل علی طبق موازین الشرع و مصالح الامة . فالغرض منها اصلاح أمر الامة . و ما هو الحافظ للدولة و الضامن لقدرتها علی التنفیذ هو قوة الامة و دفاعها، فلامحالة یتعین وجود الارتباط التام بین الحکومة و الامة و التعرف علی حاجات الطرفین و توقعاتهما بوسائط منصوبة أو منتخبة یراقبون الامة و یترددون بینها و بین الحکومة .

و قد کان یطلق فی الاعصار الاول للاسلام علی هذه الوسائط اسم النقباء و العرفاء.

و فی بعض الاخبار الواردة و ان ورد ذم العرافة، و لکنها نظیر الاخبار الواردة فی ذم الامارة لایراد بالعرافة فیها الا ما کانت من قبل حکام الجور للتعرف علی من یخالفهم من أهل الصدق و الایمان کما یظهر ذلک بمراجعة أخبار الباب، و الا فرسول الله (ص) و کذا أمیرالمؤمنین (ع) أمضیا فی حکمهما و سیاستهما لامور الامة أمر النقابة و العرافة، کما سیظهر:

1 - ففی سیرة ابن هشام: "أن رسول الله (ص) حین ما بایعه أهل المدینة فی العقبة الثانیة قال لهم: "أخرجوا الی منکم اثنی عشر نقیبا لیکونوا علی قومهم بما فیهم. فأخرجوا منهم اثنی عشر نقیبا: تسعة من الخزرج و ثلاثة من الاوس... ان رسول الله (ص) قال للنقباء: أنتم علی قومکم بما فیهم کفلاء ککفالة الحواریین لعیسی بن مریم، و أنا کفیل علی قومی - یعنی المسلمین - . قالوا: نعم."سیرة ابن هشام ‏85/2.

ناوبری کتاب