الاسلام و المسلمین، و تجمع الاخبار حول تحرکاتهم و تحرکات عملائهم و جواسیسهم، و مؤامرات الکفار و أهل النفاق و البغی و الطغیان، و أن تراقب رجال الدولة و الموظفین و أحوال الناس و حوائجهم العامة، و العقل السلیم و الشرع القویم یحکمان بترجیح المصالح العامة علی الحریات الفردیة و وجوب الاهتمام بنظام المسلمین و کیانهم.
و هذه المسؤولیة المهمة الواسعة النطاق تفوض لامحالة من قبل الدولة الاسلامیة الی مؤسسة عادلة صالحة لها من جمیع الجهات، و یطلق علی هذه المؤسسة فی اصطلاح عصرنا: "ادارة الامن و الاستخبارات.".
و لایتبادر الی ذهنک من هذ الکلمة ما یشابه و یسانخ الاجهزة الجهنمیة المخیفة الموضوعة فی أکثر البلاد لقمع الشعوب و خنقها و اخضاعها لسیاسة الطواغیت و الجبابرة المستبدین، و تحطیم الحرکات العادلة و اعاقة نمو الامة و رشدها فی العقل و السیاسة و العلوم و الصناعات.
و انما نقصد بذلک مؤسسة عادلة صالحة تهدف الی الدفاع عن شؤون الامة و مصالحها و الحفاظ علی کیانها فی قبال خطط الاعداء و الشیاطین و التحرکات الداخلیة و الخارجیة المشکوکة .
و علی هذا فیجب أن تفوض هذه المسؤولیة کغیرها من المسؤولیات العامة الی أهلها و أن یدقق فی انتخاب الاعضاء لها و اختیارهم من بین العقلاء الاذکیاء الملتزمین بالموازین الشرعیة المهتمین بمصالح الافراد و المجتمع، و یجب أن یتعرف کل منهم علی ما یجب الاطلاع علیه و مایحرم، و یمیز الخط الدقیق الفاصل بینهما، فان الامر فی کثیر من الموارد دائر بین الواجب المهم و الحرام المؤکد.
و کما یضر قطعا اختیار من لاالتزام له و لاتقوی لهذه المسؤولیة المهمة الماسة بدخائل الناس و حرماتهم، فکذلک یضر اختیار من لایشخص الموارد التی یجب تعرفها و التحقیق فیها من الموارد الشخصیة المحرمة، أو من تغلب علیه الاحاسیس الانیة الخشنة فیزاحم الناس و یواجههم بوجه عبوس مکفهر، و لامحالة ینبت بذلک فی قلوبهم البغضاء و الشقاق.