أصل من أصول الحکمة و حکم من أحکام الدین، فان الحقوق المتوجهة علی قسمین: منها ما یصح استیفاؤه معجلا، و منها ما لایمکن استیفاؤه الا مؤجلا. فان خلی من علیه الحق و غاب و اختفی بطل الحق و توی (أی ذهب)، فلم یکن بد من التوثق منه، فاما بعوض عن الحق و یکون بمالیة موجودة فیه و هی المسمی رهنا و هو الاولی و الاوکد، و اما شخص ینوب منابه فی المطالبة و الذمة و هو دون الاول، لانه یجوز أن یغیب کغیبته و یتعذر وجوده کتعذره، و لکن لایمکن أکثر من هذا. فان تعذرا جمیعا لم یبق الا التوثق بحبسه حتی تقع منه التوفیة لما کان علیه من حق، فان کان الحق بدنیا لایقبل البدل کالحدود و القصاص و لم یتفق استیفاؤه معجلا لم یبق الا التوثق بسجنه، و لاجل هذه الحکمة شرع السجن. و قد روی الترمذی و أبوداود أن النبی (ص) حبس فی تهمة رجلا ثم خلی عنه."أحکام السجون للوائلی 38/؛ عن "أحکام القرآن" لابن العربی أبی بکر محمد بن عبدالله 723/2.
4 - و من الایات أیضا قوله - تعالی - فی سورة التوبة : "فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشرکین حیث وجدتموهم، و خذوهم و احصروهم."سورة التوبة (9)، الایة 5.
قال فی المجمع:
"معناه: و احبسوهم و استرقوهم، أو فادوهم بمال. و قیل: و امنعوهم دخول مکة و التصرف فی بلاد الاسلام."مجمع البیان 7/3 (الجزء 5).
أقول: قد عرفت أنه لایراد بالحبس فی الکتاب و السنة حصر الشخص فی مکان ضیق، بل هو ضد التخلیة . فیراد به تحدید الشخص و منعه من الانبعاث و التصرفات الحرة .
فهذه أربع آیات یستدل بها علی مشروعیة الحبس.
و أما السنة فالروایات الدالة علی مشروعیة الحبس اجمالا مستفیضة، بل لعلها
.jpg)
