صفحه ۳۷۳

بقی الکلام فیما اذا وجد الاتهام و لم یثبت بعد بالدلیل؛ فهل یجوز بمجرد ذلک مزاحمة المتهم و حبسه أو تعزیره للکشف ؟ فی المسألة تفصیل یطول البحث بالتعرض له، فلنکتف بنقل ما ذکره الماوردی فی المقام ملخصا ثم نتعرض لنکت من البحث بنحو الاجمال و نحیل التفصیل الی الفضلاء المتتبعین.

قال الماوردی فی الاحکام السلطانیة ما ملخصه:

"الجرائم محظورات شرعیة زجر الله - تعالی - عنها بحد أو تعزیر. و لها عند التهمة حال استبراء تقتضیه السیاسة الدینیة، و لها عند ثبوتها و صحتها حال استیفاء توجبه الاحکام الشرعیة .

فأما حالها بعد التهمة و قبل الثبوت فمعتبر بحال الناظر فیها: فان کان حاکما رفع الیه رجل قداتهم بسرقة أو زنا، لم یکن للتهمة تأثیر عنده و لم یجز له أن یحبسه لکشف و لااستبراء، و لا أن یأخذه بأسباب الاقرار اجبارا، و لم یسمع الدعوی فی السرقة الا من خصم مستحق، و راعی ما یبدو من اقرار المتهوم أو انکاره، و ان اتهم بالزنا لم یسمع الدعوی علیه الا بعد أن یذکر المراءة التی زنی بها و یصف ما فعله بها بما یوجب الحد، فان أقر حده، و ان أنکر و کانت بینة سمعها علیه، و الا أحلفه فی حقوق الادمیین اذا طلب الخصم دون حقوق الله.

و ان کان الناظر الذی دفع الیه المتهوم أمیرا أو من ولاة الاحداث کان له من أسباب الکشف و الاستبراء ما لیس للقضاة و الحکام، و ذلک من تسعة أوجه یختلف بها حکم النظرین:

الاول: أنه یجوز للامیر أن یسمع قرف المتهوم من أعوان الامارة من غیر تحقیق للدعوی المقررة، و یرجع الی قولهم فی الاخبار عن حال المتهوم و هل هو من أهل الریب ؟ و هل هو معروف بمثل ما قرف أم لا؟ فان برؤوه من مثل ذلک خفت التهمة و وضعت و عجل اطلاقه، و ان قرفوه بأمثاله غلظت التهمة و قویت و استعمل فیها من حال الکشف. و لیس هذا للقضاة .

و الثانی: أن للامیر أن یراعی شواهد الحال و أوصاف المتهوم فی قوة التهمة

ناوبری کتاب