صفحه ۳۷

أخصائیون فی الامور العامة المهمة من السیاسة و الاقتصاد و الثقافة و الدفاع، فیطرح لهم المسائل و یطلب منهم تبادل الاراء و استحصال الفکر الصحیح فی کل مسألة و تنظیم البرامج و الخطوط الکلیة لادارة النفوس و البلاد.

و لیحذر الحاکم من الاعجاب بالنفس و بأفکار نفسه، بل یستمع الاراء المختلفة و یقلب وجوه الرأی، و بعد التأمل و التعمق فیها یختار ما هو الاصلح فی مجالات الحکم، و لایتبادر الی التصمیم و القرار قبل المشاورة و تبادل الافکار و تلاقحها، فان الجواد قد یکبو و الصارم قد ینبو، و ضرر الخطاء و الاشتباه من العظیم عظیم.

نعم، لما کان المسؤول و المکلف هو الحاکم فالملاک بعد المشاورة و استماع الانظار المختلفة هو تشخیص نفسه، و لایتعین علیه متابعة الاکثریة، و لایلزم من ذلک کون الشوری بلا فائدة، اذ یترتب علیها مضافا الی جلب أنظار المشاورین و اعطاء الشخصیة لهم نضج الفکر و الاطلاع علی جوانب الامر و عواقبه حتی یختار ما هو الاصلح بعد التأمل فی الانظار المختلفة و المقایسة بینها.

و فی نهج البلاغة : "و قال - علیه السلام - لعبد الله بن العباس و قد أشار علیه فی شئ لم یوافق رأیه: لک أن تشیر علی و أری، فان عصیتک فأطعنی."نهج البلاغة، فیض 1239/؛ عبده ‏230/3؛ لح 531/، الحکمة 321.

و بالجملة فالامام أو الامیر المسؤول هو الذی یختار و یعزم بعد انضاج الفکر بالمشاورة .

و اعتبار الاکثریة انما یکون فیما اذا کان المسؤول هو الامة أو أهل الحل و العقد، کما فی انتخاب الامام أو الممثلین، و کما فی التقنین فی مجلس الشوری؛ ففی هذه الموارد یکون الملاک آراء الجمیع أو الاکثریة، کما

لایخفی.

و أما جعل الامامة و الولایة للشوری لاللشخص - کما قد یتلقی بألسنة بعض المتثقفین و کنت أنا ایضا فی مجلس الخبراء مدافعا عن هذه الفکرة - فالظاهر أنه مخالف لسیرة العقلاء و المتشرعة، و لیس أمرا صالحا لادراة البلاد و العباد و لاسیما فی

ناوبری کتاب