جهات البحث فی المسألة
اذا عرفت ما ذکرناه فاعلم أن هنا جهات فی المسألة یجب الالتفات الیها و البحث فیها:
الجهة الاولی:
فی اهتمام الاسلام باقامة الحدود و التعزیرات:
لایخفی أن ادارة المجتمع و حفظ النظام و أمن السبل و اقامة القسط و العدل تتوقف علی تحدید الحریات و وضع المقررات، و علی تأدیب المتخلفین و مجازاة المجرمین. اذ لولا خوف أهل الفساد من العقوبة و الخذلان لما بقی للنفوس و الاعراض و الاموال حرمة، ولاختل أمر الحیاة و شاعت الفوضی و الهرج.
و قد استقرت سیرة عقلاء البشر فی کل عصر و زمان علی وضع المقررات و تحدید الحریات و علی سیاسة المتخلفین. فهذا أمر لامحیص عنه فی کل نظام و مجتمع. و الاسلام بجامعیته لجمیع ما یحتاج الیه ا لانسان فی معاشه و معاده و ما به صلاحه فی الدارین اهتم بهذا الامر أشد الاهتمام:
قال الله - تعالی - : "لقد أرسلنا رسلنا بالبینات و أنزلنا معهم الکتاب و المیزان لیقوم الناس بالقسط، و أنزلنا الحدید فیه بأس شدید و منافع للناس و لیعلم الله من ینصره و رسله بالغیب، ان الله قوی عزیز."سورة الحدید (57)، الایة 25.