و التحدید یوجب أن یفقد الشخص اعتماده علی النفس و أن لایزدهر الاستعدادات فی مجالات الحیاة .
اللهم الا اذا فرض شئ منها فی مورد خاص موجبا للاضرار بالمجتمع أو ببعض الافراد؛ فللحاکم حینئذ تحدیده فی ذلک المورد بمقدار یدفع به الضرر.
و بالجملة، یجب أن یکون البناء فی هذه الامور و الاحوال الشخصیة علی الاطلاق و الحریة الا فی موارد الضرورة، لاعلی المنع و التحدید الا باذن الحکومة .
نعم، یتوقع من الحکومة بل ربما یتعین علیها بالنسبة الی هذه الامور التخطیط الکلی و التعلیم و الارشاد و الهدایة الی أنواعها و طرق تحصیلها و بیان أنفعها و الاصلح منها و الاعانة و ایجاد الامکانات لها لدی الاحتیاج، و المنع عما حرمه الله - تعالی - من الربا و الاحتکار و التطفیف و الغش و الخیانة و نحو ذلک . و أما الاجبار علی بعض الانواع و سلب الحریات فمخالف لطبع الامة و لمذاق الشرع الا مع الضرورة . هذا.
و لکنک تشاهد أن أکثر الحکومات الدارجة فی أعصارنا ربما یتدخلون فی هذه الامور و یحددون الاختیارات و الحریات التی جعلها الله - تعالی - فی طباع البشر.
و یوجب تدخلهم ذلک :
أولا: کراهة الامة و بغضاءها فی قبال الحکومة .
و ثانیا: کثرة العصیان و الهتک لها.
و ثالثا: احتیاج الحکومة الی استخدام موظفین کثیرین للتدخل و التحدید و المراقبة .
و رابعا: الی وضع ضرائب کثیرة فوق طاقة الاشخاص لمصارف الموظفین و أجهزتهم. فلا تنتج هذه التدخلات الا البغضاء و التنافر و الخصام المتتابع بین الحکومة و بین الامة بلا ضرورة .
هذا مضافا الی أن سلب الحریة فی الامور الانتاجیة و الصناعیة و التحدید فیها کما أشرنا الیه یوجب قلة الانتاج جدا، فان العلاقة النفسیة و الحریة الطبیعیة أقوی باعث یحفز الانسان الی الصناعة و الانتاج و تحمل المشاق فی سبیلهما.
و من الاسف أن أکثر هذه التحدیدات و التدخلات انما تقع فی بعض البلاد