و اذا کانت هذه برامج الحکومة الاسلامیة و أهدافها و کان المسؤول المنفذ لها هو الامام المعصوم أو الفقیه العادل البصیر بالامور و الواجد لسائر ما ذکرناه من الشروط الثمانیة فأی شئ یوجب الوحشة و الفرار منها؟ و هل لایکون المخالف لاقامتها من عملاء الاستعمار أو ممن یرید الاقدام علی الظلم أو علی الفساد و الفحشاء و الفرار من حدود الله و أحکامه ؟ هذا.
و بما ذکرناه من الایات و الروایات المبینة لتکالیف الحاکم الاسلامی و واجباته یظهر لک أمران:
الامر الاول:
ان الامام و الحاکم الاسلامی قائد و مرجع للشؤون الدینیة و السیاسیة معا، و لیس الدین منفکا عن السیاسة علی ما ربما یسمع من بعض نواعق الاستعمار و أبواقه.
و علی التفکیک بینهما أیضا یکون بناء الکنیسة و عملها لما نسبوه الی السید المسیح (ع) من قوله: "أعطوا لقیصر ما لقیصر و ما لله لله."انجیل مرقس، الباب 12، الرقم 17؛ و انجیل متی، الباب 22، الرقم 21؛ و انجیل لوقا، الباب 20، الرقم 25.
نعم، ساحة الدین الحق بریئة من السیاسة الحدیثة المبنیة علی المکر و الشیطنة و الهضم للحقوق و البراعة فی الکذب و الخداع.
و أما السیاسة بمعنی حفظ نظام المسلمین و حقوقهم و سیادتهم و اصلاح شؤونهم العامة بشعبها المختلفة و الدفاع عنهم علی أساس ما أنزل الله - تعالی - من الاحکام فهی داخلة فی نسج الاسلام و نظامه، کما مر بالتفصیل فی الباب الثالث من الکتاب.