اعلم أنهما من أهم الفرائض التی حث علیهما الکتاب و السنة، و علیها یبتنی بقاء أساس الدین و استمرار الرسالة الالهیة و حفظ نظام المسلمین و کیانهم.
و لعل الاهتمام بهما من خصائص الشریعة الاسلامیة التی شرعت لکافة الناس و تکون باقیة طوال القرون و الاعصار الی یوم القیامة، فجعلت کل واحد ممن آمن بها مسؤولا اجمالا عن بسطها و نشرها و حفظها.
و السر فی ذلک أن الفرد من أفراد المجتمع لیس منعزلا عن غیره منفردا فی المسیر و المصیر، بل الانسان مدنی بالطبع و یتأثر بعضه ببعض فی العقائد و الاخلاق و الاعمال بلا اشکال، کما هو المشاهد فی جمیع الاجیال و الامم. و انحراف الفرد کما یضر بشخصه یضر بالمجتمع أیضا، فیحکم العقل بلزوم الرقابة العامة و حفظ المجتمع عن الفساد مهما أمکن، و الشرع أیضا أوجب ذلک و جعلها من أهم الفرائض.
فکما أنه لو أصیب أحد من أفراد المجتمع بمرض جسمانی معد کالوباء و الطاعون و نحوهما یعالج فورا باعدام الجراثیم حذرا من السرایة و الشیوع فی الافراد و العائلات و یحکم العقل بحسن ذلک بل بلزومه أیضا، فکذلک الامراض الروحیة و التخلفات الاخلاقیة لو لم یقف المجتمع فی وجهها و لم یجاهد فی قبالها لشاعت و أوجبت فی النهایة سقوط المجتمع و فساده.
فعلی الامة الاسلامیة و لاسیما علی امامها و ممثلها أن تراقب بجمیع طاقاتها ما یقع خلال المجتمع و أن تساعد علی بسط المعروف و نمو الخیر و ازدهاره و علی قلع جذور الشر و انکاره.
و قد بلغت هذه الفریضة من الاهمیة حدا جعلها أمیرالمؤمنین (ع) فوق الجهاد و سائر أعمال البر بمراتب: ففی نهج البلاغة قال: "و ما أعمال البر کلها و الجهاد فی سبیل الله عند الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الا کنفثة فی بحر لجی."نهج البلاغة، فیض 1263/؛ عبده 244/3؛ لح 542/، الحکمة 374.
و السر فی ذلک أن قوام جمیع الفرائض و بقاءها بحدودها و شروطها رهین باقامة