و القائل بعدم اعتباره انما هو من أهل الخلاف کأبی حنیفة و أصحابه.
قال فی المبسوط:
"القضاء لاینعقد لاحد الا بثلاث شرائط: أن یکون من أهل العلم، و العدالة، و الکمال. و عند قوم بدل کونه عالما أن یکون من أهل الاجتهاد. و لایکون عالما حتی یکون عارفا بالکتاب و السنة و الاجماع و الاختلاف و لسان العرب، و عندهم و القیاس.
فأما الکتاب فیحتاج أن یعرف من علومه خمسة أصناف: العام و الخاص، و المحکم و المتشابه، و المجمل و المفسر، و المطلق و المقید، و الناسخ و المنسوخ...
و أما السنة فیحتاج أیضا أن یعرف فیها خمسة أصناف: المتواتر، و الاحاد، و المرسل و المتصل، و المسند و المنقطع، و العام و الخاص، و الناسخ و المنسوخ...
و فی الناس من أجاز أن یکون القاضی عامیا و یستفتی العلماء و یقضی به. و الاول هو الصحیح عندنا."المبسوط 99/8 - 101.
أقول: العالم علی ما ذکره "قده" فی بیان مفهومه مساوق للمجتهد المطلق، فلم یذکر فی المسألة أقوالا ثلاثة علی ما حکاه فی الجواهر عن التنقیح بل قولین: اعتبار الاجتهاد، و عدمه. و ظاهره اتفاق الشیعة علی الاول. فقوله: "و عند قوم بدل کونه عالما أن یکون من أهل الاجتهاد" لیس قولا آخر، بل تعبیر آخر عن القول الاول. و قوله: "و فی الناس من أجاز أن یکون القاضی عامیا" لایراد به علماء الشیعة بل علماء أهل الخلاف کأبی حنیفة و أصحابه کما مر.
و کیف کان فلم نجد من قدماء الاصحاب من یصرح بعدم اعتبار الاجتهاد فی القاضی. و قد مر عن النهایة و کذا المقنعة ما یستفاد منه اعتبار الاجتهاد و قدرة الاستنباط من الکتاب و السنة، من دون أن یعبر بلفظ الاجتهاد، فراجع.