الثالثة من السلطات الثلاث: السلطة القضائیة
و فیها جهات من البحث:
1 - الحاجة الیها:
لایخفی علی من راجع تواریخ الامم و الاجیال فی العالم أن لامر القضاء و فصل الخصومات مکانة خاصة حساسة فی جمیع الامم و المجتمعات البشریة . اذ علیه و علی سلامة نظامه تبنی سلامة المجتمع و أمنه و استقرار العدل فیه و حفظ الحقوق و الحرمات.
ولو لم ینسجم انسجاما سالما، أو فوض أمره الی غیر أهله فشا الجور و الفساد و ضاعت الحقوق و ضعفت الدولة . بل ربما أعقب ذلک سقوطها و زوالها.
و السر فی ذلک أن عالم الطبیعة عالم التزاحم و التصادم، و الانسان فی طبعه مجبول علی الولع و الطمع، و قد زین له حب الشهوات من النساء و الضیاع و الاموال، و "یشیب ابن آدم و تشب فیه خصلتان: الحرص و طول الامل."جامع السعادات 37/3؛ عن النبی 6.
فربما یستفید الشخص من قوته و قدرته أو من غفلة غیره استفادة سوء فینزو علی أموال الناس و حقوقهم. هذا.
مضافا الی أنه قد یشتبه الامر علیه فیتسلط علی مال غیره عن جهل و شبهة، و یستعقب ذلک التنازع و البغضاء، بل ربما یؤول الامر الی القتال و اتلاف النفوس و الاموال.
فلا محیص عن وجود سلطة عالمة عادلة نافذ الامر تصلح بینهم أو تقضی بینهم