فهذا الکلام باختصاره جامع لجمیع ما یکون علی عهدة الحاکم الاسلامی، أی: "اقامة الحق و دفع الباطل."
11 - و فیه أیضا: "لولا حضور الحاضر و قیام الحجة بوجود الناصر و ما أخذ الله علی العلماء أن لایقاروا علی کظة ظالم و لاسغب مظلوم لالقیت حبلها علی غاربها و لسقیت آخرها بکأس أولها، و لالفیتم دنیاکم هذه أزهد عندی من عفطة عنز."نهج البلاغه، فیض 52/؛ عبده 31/1؛ لح 50/، الخطبة 3.
أقول: الکظة بالکسر و تشدید الظاء: البطنة و ما یعتری الانسان عند الامتلاء من الطعام. و السغب: الجوع. و عفطة العنز: ما تنثره من أنفها.
یظهر من الحدیث الشریف أن المسلمین - و لاسیما أهل العلم الواقفین علی مذاق الشرع و حثه علی العدالة الاجتماعیة - لایجوز لهم السکوت فی قبال التفاوت الفاحش الطبقی المنتج من غصب الاقویاء لحقوق الضعفاء و المستضعفین.
و احقاق الحقوق لایمکن الا بتحصیل القوة و القدرة، فبذلک یظهر وجوب اقامة الدولة الحقة و احقاق الحقوق فی ضوئها.
و اعلم أن الله - تعالی - لم یخلق الانسان من دون أن یخلق له ما یحتاج الیه فی عیشته و ما یتوقف علیه حیاته. و لو تری الفقر الشدید و النقص الفاحش فی بعض منهم فانما نشاء من ظلم بعضهم لبعض أو من کفرانهم نعم الله - تعالی - و عدم الاستفادة منها بالاستخراج و الاستنتاج:
ففی سورة ابراهیم قال بعد ذکر أصول نعمه: "و آتاکم من کل ما سألتموه، و ان تعدوا نعمة الله لاتحصوها، ان الانسان لظلوم کفار."سورة ابراهیم (14)، الایة 34.
و الظاهر أن المقصود بالسؤال هو الحاجة التکوینیة الکامنة فی الذوات؛ فالله - تعالی - علل النقص الموجود بالامرین، أعنی الظلم و الکفران، فتدبر فی الایات الشریفة .