صفحه ۸

علی الشعب، فیکون الشعب فی الحقیقة منشاء للتشریع و التنفیذ، و الحاکم المنتخب یحقق أهواء الشعب و حاجاته کیف ما کانت. و ربما یعد هذه أحسن أنحاء الحکومات الدارجة و أوفقها للفطرة لصلاحها مبدأ و غایة، فالمبدأ ارادة الشعب و آراؤه، و الغایة تأمین حاجاته العامة .

أقول: هذا علی فرض تحققها واقعا بان یکون الشعب مدرکا رشیدا مختارا لایقع تحت تأثیر العوامل المضللة والاجواء و الاهواء و الوعود البراقة و الدعایات الکاذبة الرائجة . و لکن یبعد جدا حصولها کذلک مأة بالماءة حتی فی مثل الامم الراقیة، حیث نری فیها وقوع الشعب عملا تحت تأثیر الوسائل الاعلامیة المملوکة لاصحاب الثروات و الشرکات العظیمة الاقتصادیة التی یکثر فیها الدعایات الکاذبة، فلا تتحقق حکومة الشعب حقیقة بل حکومة طبقة خاصة من المجتمع امتلکوا الثروات و المؤسسات و لا یهدفون الا مصالح أنفسهم.

4 - الحکومة الاسلامیة :

قد عرفت ضرورة الحکومة و حفظ النظام الاجتماعی للبشر، و ان الهرج و المرج الاجتماعی مما یدرک ضرره و قبحه کل عاقل من أی أمة أو ملة کان.

و المراجع للکتاب و السنة و فقه مذاهب الاسلام من الشیعة و السنة یظهر له بالبداهة ان دین الاسلام الذی جاء به النبی الاکرم (ص) لم ینحصر أحکامه فی أمور عبادیة و مراسیم و آداب فردیة فقط، بل هو جامع لجمیع مایحتاج الیه الانسان فی مراحل حیاته الفردیة و العائلیة و الاجتماعیة من المعارف و الاخلاق و العبادات و المعاملات و السیاسات و الاقتصاد و العلاقات الداخلیة و الخارجیة . فهو بنفسه نظام کامل یجمع الاقتصاد و السیاسة أیضا.

و التتبع فی أخبار الفریقین و فتاواهم فی الابواب المختلفة لفقه الاسلام یرشدنا الی کون الحکومة و تنفیذ المقررات ایضا داخلة فی نسج الاسلام و نظامه. فالاسلام بذاته دین و دولة، و عبادة و اقتصاد و سیاسة .

ناوبری کتاب