12 - و فی الخطبة القاصعة من نهج البلاغة : "ألا فالحذر الحذر من طاعة ساداتکم و کبرائکم ! الذین تکبروا عن حسبهم و ترفعوا فوق نسبهم و ألقوا الهجینة علی ربهم، و جاحدوا الله علی ماصنع بهم، مکابرة لقضائه و مغالبة لالائه. فانهم قواعد أساس العصبیة و دعائم أرکان الفتنة و سیوف اعتزاء الجاهلیة . فاتقوا الله و لاتکونوا لنعمه علیکم أضدادا و لالفضله عندکم حسادا، و لاتطیعوا الادعیاء الذین شربتم بصفوکم کدرهم، و خلطتم بصحتکم مرضهم، و أدخلتم فی حقکم باطلهم، و هم أساس الفسوق و أحلاس العقوق، اتخذهم ابلیس مطایا ضلال و جندا بهم یصول علی الناس و تراجمة ینطق علی ألسنتهم استراقا لعقولکم و دخولا فی عیونکم و نفثا فی أسماعکم."نهج البلاغة، فیض 785/؛ عبده 166/2؛ لح 289/، الخطبة 192.
فتأمل فی هذا الحدیث الشریف، و انظر کیف ینطبق مضامینه علی الرؤساء الطغاة الحاکمین فی أعصارنا. و کیف یصول بهم الشیطان علی الناس !!
و حیث لاتجوز اطاعتهم - و المفروض أن الحکومة مما لامحیص عنها و لاتتم هی الا بالاطاعة و التسلیم - فلامحالة یجب اسقاط الحکومة المسرفة الفاسدة لتخلفها الحکومة العادلة الصالحة المفترض طاعتها. و اسقاطها من عرش القدرة لایتحقق غالبا الا بالکفاح المسلح .
فان قلت: لعل النهی فی الایات و الروایات متوجه الی اطاعة أهل الاثم و الفساد فی خصوص ماأمروا به من الاثم، و قدمر حکمها فی الامر الاول، فلاینافی ذلک بقاء حکومتهم و وجوب طاعتهم فی الشؤون الاجتماعیة التی یتوقف علیها حفظ النظام.
قلت: ظاهر الایات و الروایات حرمة طاعتهم بنحو الاطلاق فی کل ماأمروا به. و أنت تری أن أهل الفساد و التزویر کثیرا ما یستفیدون حتی من الامور العبادیة و مظاهر الشرع المبین استفادة سیاسیة شیطانیة، و ربما أحکموا بذلک قواعد ملکهم لیکثروا فیها الفساد. فلا تستغرب أن ینهی الشارع عن اطاعتهم بالکلیة حتی فی الامور التی تکون صلاحا بالذات حذرا من استحکام دولتهم و حکومتهم بذلک، فتدبر فان فی دلالة بعض ماذکر علی المقصود نوع خفاء.