و بالجملة ، التخلفات عن الموازین الشرعیة مختلفة ؛ فقد یکون التخلف جزئیا فی مورد خاص، و قدیکون انحرافا أساسیا.
و الظاهر أنه یجری فی المسألة، المراتب المذکورة فی باب النهی عن المنکر من الانکار بالقلب و باللسان ثم بالید بمراتبها بقدر الامکان الی أن تصل النوبة فی النهایة الی الخروج و القیام بالسیف بل المسألة من مصادیق الباب بمفهومه الوسیع.
و فی الحدیث أنه قیل لرسول الله (ص): "أی الجهاد أحب الی الله - عزوجل -؟" فقال (ص): "کلمة حق تقال لامام جائر."مسند أحمد 251/5.
و عن رسول الله (ص) أنه قال: "الدین النصیحة ." قلنا: لمن ؟ قال: "لله و لکتابه و لرسوله و لائمة المسلمین و عامتهم."صحیح مسلم 74/1، کتاب الایمان، الباب 23، الحدیث 55.
و الحاصل أنه اذا أخطاء الحاکم خطا جزئیا أو عصی معصیة جزئیة لاتمس أصول الشریعة و مصالح الاسلام و المسلمین بل کان أساس عمله و حکمه الکتاب و السنة فلایجب بل لایجوز الخروج علیه و لایحکم بانعزاله أیضا، و انما یجب الارشاد و النصح مع احتمال الاصرار. نعم، فی الوزراء و المدراء و العمال یجوز للوالی الاعظم عزلهم اذا رآه صلاحا.
و أما اذا انحرف الحاکم انحرافا أساسیا عن موازین الاسلام و العدالة و صار متهتکا و جعل أساس حکمه الاستبداد و الهوی، و جعل مال الله دولا و عباده خولا، أو صار عمیلا للاستعمار و منفذا لاهواء الکفرة و الاجانب و تغلبوا من هذا الطریق علی سیاسة المسلمین و ثقافتهم و اقتصادهم، و لم یرتدع هو بالنصح و التذکیر بل لم یزده ذلک الا عتوا و استکبارا - و ان فرض أنه یظهر الاسلام باللسان بل و یتعبد ببعض المراسیم الظاهریة من الصلاة و الحج و الشعارات الاسلامیة، کما تراه و نراه فی أکثر الملوک و الرؤساء فی بلاد المسلمین فی أعصارنا - ففی الوزراء و الامراء و العمال یرفع