و لاجل ذلک اتفق الخاصة و العامة علی أنه یلزم فی محیط الاسلام وجود سائس و زعیم یدبر أمور المسلمین. بل هو من ضروریات الاسلام و ان اختلفوا فی شرائطه و خصوصیاته و أن تعیینه من قبل رسول الله (ص) او بالانتخاب العمومی.
الثالث: لایخفی أن سیاسة المدن و تأمین الجهات الاجتماعیة فی دین الاسلام لم تکن منحازة عن الجهات الروحانیة و الشؤون المربوطة بتبلیغ الاحکام و ارشاد المسلمین، بل کانت السیاسة فیه من الصدر الاول مختلطة بالدیانة و من شؤونها.فکان رسول الله (ص) بشخصه یدبر أمور المسلمین و یسوسهم و یرجع الیه لفصل الخصومات و کان ینصب الحکام و العمال للولایات و یطلب الاخماس و الزکوات و نحوهما من المالیات، و هکذا کانت سیرة الخلفاء من بعده الراشدین و غیرهم و کانوا فی بادی الامر یعملون بالوظائف السیاسیة فی مراکز الارشاد و الهدایة کالمساجد، فکان امام المسجد بنفسه أمیرا لهم، و بعد ذلک أیضا استمرت السیرة علی بناء المسجد الجامع قرب دار الامارة . و کان الخلفاء و الامراء بأنفسهم یقیمون الجمعات و الاعیاد، بل و یدبرون أمر الحج و مواقفه، حیث ان العبادات الثلاث مع کونها عبادیة قداحتوت علی فوائد سیاسیة لایوجد نظیرها فی غیرها. و هذا النحو من الخلط بین الجهات الروحیة و الجهات السیاسیة من خصائص الاسلام و میزاته.
الرابع: قدتلخص مما ذکرناه: 1 - أن لنا حاجات اجتماعیة تکون من وظائف سائس الاجتماع و قائده. 2 - و أن الدیانة المقدسة الاسلامیة لم تهمل هذه الامور، بل اهتمت بها أشد الاهتمام و شرعت بلحاظها أحکاما کثیرة و فوضت اجراءها الی سائس المسلمین. 3 - و أن سائس المسلمین فی بادی الامر لم یکن الا شخص النبی الاکرم (ص) ثم الخلفاء بعده.
و حینئذ فنقول: انه لما کان من معتقداتنا معاشر الشیعة الامامیة أن خلافة رسول الله (ص) و زعامة المسلمین من بعده کانت للائمة الاثنی عشر(ع) و أن رسول الله (ص) لم یهمل أمر الخلافة بل عین لها من بعده أمیرالمؤمنین (ع) ثم انتقلت منه الی أولاده عترة الرسول فکانوا هم المراجع الاحقاء للامور السیاسیة