التنبیه الثانی - نقل کلام ابن طاووس:
اعلم أن مسألة ولایة الفقیه و اقامة الدولة الحقة المطابقة لموازین الاسلام من أعظم المسائل الاساسیة فی الاسلام، فانها الوسیلة الوحیدة لحفظ بیضة الاسلام و نظام المسلمین و کیانهم و تنفیذ قوانین الاسلام و أحکامه و اجراء الامر بالمعروف و النهی عن المنکر بمفهومهما الواسع. و واضح أن أهمیة وجوب المقدمة بأهمیة وجوب ذیها.
ولکن فقهاؤنا - رضوان الله علیهم - ترکوا البحث فیها فی الکتب الفقهیة بحثا أساسیا واسعا مع مارأوا من أن أخبارنا ملاء من ارجاع أمور کثیرة الی السلطان أو الوالی أو الحاکم، و ذکر السجن أو بیت المال و نحو ذلک من لوازم الحکومة . و هم أیضا أفتوا بمضامینها فی الابواب المختلفة من فقههم.
و السر فی ذلک أن علماء السنة کان نظرهم واسعا فی مسألة الحکومة و شرائط الحاکم، و کان الاکثر منهم یبررون الحکومات الدارجة الموجودة فی أعصارهم. ولکن نحن معاشر الشیعة الامامیة حسب اعتقادنا نری الحکومة فی عصر ظهور الائمة (ع) من حقوقهم. و فی عصر الغیبة کان الشیعة و فقهاؤهم مشردین غالبا فی شدة و تقیة، فکانوا آئسین من رجوع الحکومة الیهم و یرون کأنه بمنزلة أمر ممتنع. فکان البحث فیها و فی فروعها و فی شرائط الحاکم و نحو ذلک عندهم بحثا لغوا و بلافائدة، فلذلک لم یبحث فیها الا بعض فقهائنا بنحو التطفل و بالنسبة الی التصرفات الجزئیة المحلیة . فتری الشیخ الاعظم الانصاری - قدس سره - مثلا یبحث فیها بحثاما فی مکاسبه فی مسألة التصرف فی مال الطفل. فکأن ولایة الفقیه کانت عندهم نظیر ولایة الاب و الجد محدودة بدائرة ضیقة صغیرة، و لم یکن ینقدح فی أذهانهم تصدی الفقیه العادل لاقامة دولة مقتدرة فی بلاد المسلمین فی قبال الدول الجائرة المقتدرة .