"رأی فقهاء المذاهب الاربعة و غیرهم أن الامامة تنعقد بالتغلب و القهر. اذ یصیر المتغلب اماما دون مبایعة أو استخلاف من الامام السابق، و انما بالاستیلاء.و قدیکون مع التغلب المبایعة أیضا فیما بعد."الفقه الاسلامی و أدلته 682/6.
أقول: لایخفی أن مقتضی ماذکروه من امامة المتغلب مطلقا أن الخارج علی الامام الموجود فی أول الامر باغ یجب قتاله و دفعه، ثم اذا فرض غلبته انقلب اماما واجب الاطاعة و ان کان من أفسق الفسقة و الظلمة ! و هذا أمر عجیب لایقبله الطبع السلیم.
و الظاهر أن هؤلاء المصنفین من السنة کانوا غالبا بصدد التوجیه للوضع الموجود خارجا فی أمر الولایة علی المسلمین، و تبریره شرعا. فلذا قالوا بکفایة التغلب أو ولایة العهد أو بیعة عدة قلیلة .
و لکن المنصف المتحری للحق لیس من شأنه السعی فی تبریر ماوقع، بل بیان مایحکم به العقل و الشرع بذاتهما. و قد عرفت أن الامامة علی المسلمین أمر یتعلق بجمیع المسلمین، فیجب أن تکون من قبل الله المالک للجمیع أو برضا جمیع الامة أو أکثرهم، و لاأقل من أهل الحل و العقد منهم، فانه یستعقب رضا الجمیع عادة .
و لاریب أن النصب من قبل الله علی فرض تحققه - کما هو معتقدنا بالنسبة الی الائمة الاثنی عشر- مقدم علی انتخاب الامة قطعا. فالطریق الثانی فی طول الاول، لافی عرضه. و قدقال الله - عزوجل - : "و ماکان لمؤمن و لامؤمنة اذا قضی الله و رسوله أمرا أن یکون لهم الخیرة من أمرهم."سورة الاحزاب (33)، الایة 36.
و الحاصل أن لارباب التحقیق من علماء المسلمین فی مبدأ الحکومة قولان: