ففی أصول الکافی بسند صحیح، عن معلی بن خنیس، قال: "قلت لابی عبدالله (ع) یوما: جعلت فداک ذکرت آل فلان و ما هم فیه من النعیم، فقلت: لوکان هذا الیکم لعشنا معکم. فقال: "هیهات یامعلی، أما و الله لوکان ذاک ماکان الا سیاسة اللیل و سیاحة النهار و لبس الخشن و أکل الجشب، فزوی ذلک عنا. فهل رأیت ظلامة قط صیرها الله - تعالی - نعمة الا هذه ؟"الکافی 410/1، کتاب الحجة، باب سیرة الامام فی نفسه و...، الحدیث 2.
و اذا کانت الولایة تستعقب مسؤولیة خطیرة فحملها علی من لایطیقها ظلم فی حقه و فی حقوق من یقع تحت ولایته. و المراءة کما عرفت مظهر الرحمة و العواطف، و طبعها غالبا یناسب السکون و الدعة . و الرجل مظهر التدبیر و النظر فی عواقب الامور، و هو یمیل الی التحرک و الجهاد. فالمناسب تفویض هذه المسؤولیة الخطیرة المرتبطة بشؤون الاسلام و المسلمین الی من یکون قدرته علی التحمل أکثر.
و لایراد بذلک، الحط من کرامة المراءة و احتقارها، و انما یراد رعایة التناسب الطبیعی فی تفویض المسؤولیة . و التشریع الصحیح هو التشریع المبتنی علی التکوین.
و یشهد لما ذکرناه من عدم مناسبة طباع المراءة غالبا للولایة أنک تری فی أکثر البلدان فی العالم أن رؤساء الجمهوریات و الدول ینتخبون غالبا من الرجال دون النساء، مع أنه لیس فی محیطهم منع قانونی لانتخاب المراءة .
و قداشتبه الامر علی الذین قاموا باسم الدفاع عن المراءة، حیث استدلوا بأن نصف المجتمع الانسانی یکون معطلا ان لم تشتغل المراءة فی الدوائر و المؤسسات.
أفلایرون أن المجتمع لایتشکل الا من البیوت و الاسر، و لایصلح الا بصلاح الاسر؟ و انما تصلح الاسرة بالمراءة الحنونة العطوفة علی زوجها و ولدها. أیکون حفظ الاسرة و العائلة، و التقویة الروحیة للزوج، و تربیة الاولاد من البنین و البنات أعمالا صغیرة محقرة ؟!
لا، بل عمل المراءة بامومتها و عطوفتها من أحمز الاعمال و أفضلها. و هو الحجر