قال: فلم جعل أولی الامر و أمر بطاعتهم ؟ قیل: لعلل کثیرة :
منها: ان الخلق لما وقفوا علی حد محدود و أمروا أن لایتعدوا ذلک الحد لما فیه من فسادهم لم یکن یثبت ذلک ولایقوم الا بأن یجعل علیهم فیه أمینا یمنعهم من التعدی والدخول فیما حظر علیهم. لانه لولم یکن ذلک کذلک لکان أحد لایترک لذته و منفعته لفساد غیره. فجعل علیهم قیما یمنعهم من الفساد و یقیم فیهم الحدود والاحکام.
و منها: أنا لانجد فرقة من الفرق ولاملة من الملل بقوا و عاشوا الا بقیم و رئیس لما لابد لهم منه فی أمر الدین و الدنیا فلم یجز فی حکمة الحکیم أن یترک الخلق مما یعلم انه لابد لهم منه ولاقوام لهم الا به فیقاتلون به عدوهم و یقسمون به فیئهم و یقیم لهم جمعتهم و جماعتهم و یمنع ظالمهم من مظلومهم.
و منها: انه لولم یجعل لهم اماما قیما أمینا حافظا مستودعا لدرست الملة و ذهب الدین و غیرت السنة (السنن - العلل) والاحکام، ولزاد فیه المبتدعون و نقص منه الملحدون و شبهوا ذلک علی المسلمین. لانا قد وجدنا الخلق منقوصین محتاجین غیر کاملین مع اختلافهم و اختلاف أهوائهم و تشتت أنحائهم (حالاتهم - العلل.) فلولم یجعل لهم قیما حافظا لما جاء به الرسول (ص) لفسدوا علی نحو ما بینا و غیرت الشرائع و السنن و الاحکام و الایمان و کان فی ذلک فساد الخلق اجمعین. الحدیث."عیون اخبار الرضا (من نسخة مخطوطة مصححة)، الباب 34، الحدیث 1، وعلل الشرائع 95/1(= طبعة اخری 253/1)، الباب 182، الحدیث 9.
و فی آخر الحدیث ان علی بن محمد بن قتیبة قال للفضل بن شاذان:
"أخبرنی عن هذه العلل ذکرتها عن الاستنباط و الاستخراج و هی من نتائج العقل أو هی مما سمعته و رویته ؟ فقال لی: ما کنت لاعلم مراد الله - عزوجل - بما فرض ولامراد رسوله (ص) بما شرع و سن ولا أعلل ذلک من ذات نفسی، بل سمعتها من مولای أبی الحسن علی بن موسی الرضا(ع) المرة بعد المرة و الشئ بعد الشئ فجمعتها. فقلت: فأحدث بها عنک عن الرضا(ع)؟ قال: نعم." و قال لمحمدبن شاذان: "سمعت هذه العلل من مولای أبی الحسن علی بن موسی الرضا(ع) متفرقة فجمعتها و ألفتها."عیون أخبار الرضا 121/2، الحدیث 2و3.