الحق ان القوانین و الانظمة الاجتماعیة بحاجة الی منفذ. فی کل دول العالم لاینفع التشریع وحده، ولایضمن سعادة البشر، بل ینبغی أن تعقب سلطة التشریع سلطة التنفیذ. فهی وحدها التی تنیل الناس ثمرات التشریع العادل. لهذا قرر الاسلام ایجاد سلطة التنفیذ الی جانب سلطة التشریع، فجعل للامر ولیا للتنفیذ الی جانب تصدیه للتعلیم و النشر و البیان."الحکومة الاسلامیة 23/.
أقول: و قد بلغ اهتمام الاسلام بالامامة و الحکومة حدا ورد أنه لولم یکن فی الارض الا اثنان لکان الامام أحدهما.الکافی 180/1، کتاب الحجة، باب أنه لولم یبق فی الارض الا رجلان...، الحدیث 5.
و لایخفی أن الدولة المعتمدة علی الفطرة و الاعتقاد الدینی الثابت فی أعماق القلب أتقن الحکومات و أحکمها، فان الاعتقاد القلبی ضامن لحفظها واحترام مقرراتها و لیس کذلک الحکومات الدارجة المعتمدة علی التغلب و القهر، فتدبر.
و اعلم أن استیحاش أکثر الناس و تنفرهم من ألفاظ الملک و الحکومة و السلطنة و نحوها انما هو أمر عارض ناشئ عن ابتلائهم فی أکثر الاعصار و الامصار بالحکومات الظالمة المستبدة أو غیر اللائقة لادارة شؤون الامة، و الا فأصل الملک أمر ممدوح مرغوب فیه عقلا و شرعا، کتابا و سنة اذا کانت الحکومة صالحة عادلة حائزة لرضا الامة حافظة لحقوقها ملتزمة بتنفیذ القوانین المقبولة لدی الامة .
قال الله - تعالی - : "الذین ان مکناهم فی الارض أقاموا الصلاة و آتوا الزکاة و أمروا بالمعروف و نهوا عن المنکر، و لله عاقبة الامور."سورة الحج (22)، الایة 41.
و قال فی قصة بنی اسرائیل: "ان الله قد بعث لکم طالوت ملکا."سورة البقرة (2)، الایة 247.