هل الطلب یغایر الارادة :
ان العالم المحقق الشیخ محمد تقی الاصفهانی صاحب الحاشیة لما صادف عنوان اتحاد الطلب و الارادة، و لم یتتبع حتی یظهر له ما هو مطرح النزاع بین الفریقین، و کان المتبادر الی ذهنه من لفظ الطلب، الطلب الانشائی، و من لفظ الارادة الصفة النفسانیة الخاصة، حکم بتغایر الطلب و الارادة، و تخیل أنه وافق فی هذه المسألة الاشاعرة، و خالف المعتزلة و الامامیة أقول: قال حفیده المرحوم آیة الله الحاج الشیخ محمدرضا الاصفهانی طاب ثراه فی "الوقایة" ما هذا لفظه: و العلامة الجد لم یخالف العدلیة فی ذلک، و لم یجنح الی قول الاشاعرة قط. بل هو من ألد أعداء هذه المقالة و أشد من خاصمهم. و قد قال فی بحث مقدمة الواجب "بعد ما بین مذهب العدلیة من أن حقیقة الطلب عندهم هی الارادة المتعلقة بفعل الشئ أو ترکه" ما نصه: و قد خالف فی ذلک الاشاعرة فزعموا أن الطلب أمر آخر وراء الارادة و جعلوه من أقسام الکلام النفسی المغایر عندهم للارادة و الکراهة . و قد عرفت أن ما ذکروه أمر فاسد غیر معقول مبنی علی فاسد آخر أعنی الکلام "انتهی" فلینظر المنصف "الی آخر ما فی الوقایة فراجع" ح ع - م. مع وضوح أنهم لم ینازعوا فی أن الطلب الانشائی هل مغایر للارادة النفسانیة أو متحد معها؟ فیختار الاشعری التغایر و المعتزلی الاتحاد؛ اذ التغایر بینهما اظهر من الشمس وا بین من الامس بل نازعوا کما عرفت فی ثبوت صفة نفسانیة فی قبال العلم و الارادة و الکراهة، و کان نزاعهم نزاعا مذهبیا؛ اذ کان مقصودهم اثبات أن القرآن الذی هو کلام الله حادث أو قدیم.
فما فهمه هذا المحقق من عنوان اتحاد الطلب و الارادة و تخیل أنه مطرح أنظار الاشاعرة و العدلیة بعید عن الصواب، و یکون ناشئا من عدم تتبع تاریخ المسألة و ما هو محط نظر المتنازعین فیها.
ثم ان لشیخنا الاستاذ المحقق الخراسانی هنا بیانا طویلا فی الکفایة زعمه اصلاحا بین الاشاعرة و العدلیة مع فساد ما ذکره أولا، و عدم ارتباطه بما هو محط نظر المتنازعین ثانیا. و هو "ره" و ان کان قد یقرب فی ضمن بیانه الی ما هو محط نظر المتنازعین خصوصا عند قوله: "فان الانسان لایجد غیرالارادة القائمة بالنفس صفة أخری قائمة بها یکون هو الطلب غیرها" الا أن ملاحظة مجموع کلامه من الصدر الی الذیل توجب الاطمئنان بعدم کون مطرح النزاغ معلوما له خصوصا بعد ارادته الاصلاح بین الطرفین بما ذکره تحقیقا للمطلب.