أما المقدمة ففی بیان أمور:
الامر الاول: أن تمایز العلوم بتمایز الموضوعات، و انه ما هو موضوع العلم، و أی شئ هو الموضوع فی علم
اعلم أن القدماء قد تسالموا علی أمرین:
الاول: أن تمایز العلوم بتمایز الموضوعات:
الثانی: أن موضوع کل علم ما یبحث فیه عن عوارضه الذاتیة، و لما کان علم الاصول أیضا علما برأسه، تصدی القوم لبیان موضوعه، فقال بعضهم: ان موضوعه الادلة الاربعة، و استشکل علیه بعض المحققین: بأن مقتضی ذلک کون حجیة الادلة الاربعة، و وصف دلیلیتها من مقومات الموضوع لا من عوارضه، و لازم ذلک أن تصیر أمهات المسائل - أعنی: ما یبحث فیها عن حجیة الادلة - خارجة من علم الاصول، و تدخل فی سلک المبادئ.
و اختار هذا المستشکل کون الادلة الاربعة بذواتها، لابما أنها متصفة بوصف الدلیلة موضوعا لعلم الاصول، حتی یکون البحث عن حجیتها و دلیلیتها أیضا بحثا عن عوارضها الذاتیة .
و یرد علیه - مضافا الی ما فی الکفایة - أن موضوعیة أمور متشتتة لعلم واحد، انما هی باعتبار وجود جامع بینها یکون هو الموضوع حقیقة، و لاجامع بین ذوات الادلة الاربعة أقول: یمکن أن یقال: ان الجامع بینها صلاحیتها للدلیلیة، فیکون الموضوع عبارة عما یصلح للدلیلیة، و تکون فعلیتها من العوارض. ح ع - م. الا وصف الدلیلیة، و المفروض جعلها من العوارض الذاتیة للموضوع. و علی هذا فلایبقی بینها جامع وحدانی یکون هو الموضوع حقیقة، و به تتحقق وحدة العلم؛ اذ الملاک فی عد المسائل المتشتتة علما واحدا هو وحدة الموضوع کما سیأتی.
و أما شیخنا الاستاذ صاحب الکفایة (قدس سره) فقد خالف القدماء و قال ما حاصله: ان تمایز العلوم بتمایز الاغراض الباعثة علی جمع المتشتتات و تسمیتها علما واحدا، لا الموضوعات، و الا لکان کل باب، بل کل مسئلة علما برأسه.