و الجمع وضعت للدلالة علی تعدد ما أرید من المفرد تعددا بحسب الوجود؛ فهما تابعان للمفرد، فان کان المستعمل فیه للمفرد معنی واحدا دلت العلامة علی الفردین أو الافراد من هذا المعنی، و ان کان المستعمل فیه أکثر من معنی دلت العلامة علی الفردین أو الافراد من کل من المعانی.
والحاصل: أن التثنیة مثلا تنحل الی المفرد و علامة الثنیة، فالمفرد یدل علی نفس المعنی، و العلامة تدل علی تعدد ما أرید من المفرد تعددا بحسب الوجود، لاتعددا بحسب الاستعمال. و بهذا البیان یظهر أنه لوفرض أخذ قید الوحدة فی الموضوع له لکانت باقیة فی التثنیة و الجمع أیضا؛ اذ المراد بالوحدة المأخوذة فی الموضوع له علی فرض القول به هو الوحدة بحسب الاستعمال، و لاینافیها التعدد بحسب الوجود الذی هو مفاد التثنیة و الجمع، فتدبر!
ثم اعلم أنه علی فرض القول بجواز استعمال اللفظ فی الاکثر من معنی واحد عقلا و وضعا، وجب حمل المشترک عند الاطلاق علی جمیع معانیه اذا لم یکن فی البین ما یعین بعضها، و ذلک لما عرفت من کون هذا النحو من الاستعمال علی فرض جوازه بنحو الحقیقة، و المفروض عدم وجود قرینة معینة، فلامحالة یکون المراد هو الجمیع نظیر المعمومات المحمولة علی جمیع الافراد عند عدم القرینة علی الخصوص.
رد الاستدلال ببطون القرآن علی وقوع الاشتراک :
تنبیه: قال فی الکفایة ما حاصله: "لعلک تتوهم أن الاخبار الدالة علی أن للقرآن بطونا سبعة أو سبعین تدل علی وقوع استعمال اللفظ فی أکثر من معنی واحد فضلا عن جوازه، و لکنک غفلت عن أنه لا دلالة لها أصلا علی أن ارادتها کانت من باب ارادة المعنی من اللفظ، فلعلها کانت بارادتها فی انفسها حال استعمال اللفظ فی معناه، أو کان المراد من البطون لوازم المعنی المستعمل فیه".
أقول: یرد علی ما ذکره أنه لاوجه لعد الصور الادراکیة المتحققة فی ذهن المخاطب حین استعمال اللفظ فی معناه بطونا لهذا المعنی، مع عدم الارتباط بینها و بین هذا المعنی و کذا عد لوازم المعنی بطونا له أیضا بلاوجه.
و یمکن أن یقال: ان المراد بها عبارة عن المعانی المختلفة و المراتب المتفاوتة . التی تستفاد من الایات بحسب اختلاف مراتب الناس و درجاتهم. فان أرباب النفوس الکاملة یستفیدون من