النبی (ص) و الائمة (ع) و العلماء المطلعین علی فتاواه فی مسئلة من المسائل الشرعیة، بحیث یکشف اتفاقهم عن تلقیهم هذه المسئلة منه (ع) و من المعلوم، ان حجیة الخبر لیست من تاسیسات الشارع قطعا، بل العمل بالخبر مما استقرت علیه سیرة العقلاء و لم یکن عمل الصحابة به و لا العلماء ایضا من جهة تلقیهم ذلک من الامام (ع)، بل عملوا به بما هم عقلاء و بهذا البیان یظهر رجوع الوجه الاول و الثالث و الرابع و الخامس الی وجه واحد، و هو استقرار بناء العقلاء طرا من المسلمین و غیرهم من سائر الفرق حتی الملاحدة و الدهریة علی ترتیب الاثر علی خبر الثقة و الاعتماد علیه و هکذا کان بناء الصحابة و لکن لا من جهة تلقیهم فی ذلک شیئا من الامام (ع)، بل بما هم عقلاء و لم یردع عن هذه الطریقة العقلائیة، الائمة (ع) مع کونها بمرآهم و مسمعهم فیکشف بذلک رضایته بما علیه بناء العقلاء. و لا تکفی الایات الناهیة عن العمل بالظن، للردع عنها لرسوخ العمل بها فی اذهانهم بحد یحتاج الردع عنه الی تنبیهات صریحة بتاکیدات شدیدة .
و قد عرفت منا سابقا فی باب حجیة الخبر، تحقیق حال هذه السیرة العقلائیة، و ان منشاها و الحکمة فیها هو الانسداد فراجع.
و بالجملة ؛ فدعوی اجماع العلماء او الصحابة او المسلمین فی هذه المسئلة وراء السیرة العقلائیة مجازفة صرفة، فان اجماع علماء الاسلام بما هم علماء او اجماع الصحابة بما هم کذلک، انما یتحقق فی المسائل التی تلقوها من الائمة (ع) و اجماع المسلمین بما هم مسلمون انما هو فی المسائل التی یمتاز بها المسلمون عن غیرهم بحیث یکون امتیازهم بذلک من بین سائر الفرق کاشفا عن کون هذا الامر من مزایا دینهم و مما جاء به نبیهم و قد عرفت انه من المقطوع، عدم تاسیس من الشارع فی باب حجیة الخبر و یستفاد من الایات و الاخبار التی استدل بها لحجیته ایضا کون اصل الحجیة و بناء العقلاء علی العمل به امرا مفروغا عنه، الاتری ان المسلمین ارادوا ترتیب الاثر علی خبر الولید قبل نزول آیة النبا، فنزلت لردعهم عن ذلک من جهة کونه فاسقا، فالایة للردع عما استقر علیه بنائهم من العمل و لو بخبر الفاسق، لا لاثبات الحجیة لخبر العادل.
والحاصل: ان استقرار بناء الصحابة علی العمل بالخبر و عدم ردع الائمة (ع) ایاهم عن ذلک، امر لاشک فیه و تدل علیه ایضا اخبار کثیرة قد مضی بعضها ولکن لیس ذلک من جهة تلقیهم هذا المعنی من الامام (ع)، بل من جهة رسوخ ذلک فی اذهانهم بماهم عقلاء.
هذا کله فیما یرتبط بما عدا الوجه الثانی و اما الوجه الثانی، اعنی تقریر الاجماع بنحو