الوجود، حتی لایکون لها حقیقة باقیة الی آخر الصلاة، محفوظة فی جمیع المراتب، و یترتب علی ذلک عدم کون المصلی فی حال السکونات والسکوتات المتخللة مشتغلا بالصلاة، بل هی عبارة عن حالة توجه خاص یحصل للعبد و یوجد بالشروع فیها، و یبقی ببقاء الاجزاء و الشرائط و یکون هذا المعنی المخصوص کالطبیعة المشککة، لها مراتب متفاوتة تنتزع فی کل مرتبة عما اعتبر جزءا لها. لا أقول ان هذا الامر الباقی یوجد بوجود علی حدة، وراء وجودات الاجزاء، حتی تکون الاجزاء، محصلات له، بل هو بمنزلة الصورة لهذه الاجزاء، فهو موجود بعین وجودات الاجراء، فیکون الموضوع له للفظ الصلاة هذه العبادة الخاصة و المعنی المخصوص، و یکون هذا المعنی محفوظا فی جمیع المراتب، فیکون وزان هذا الامر الاعتباری وزان الموجودات الخارجیة، کالانسان و نحوه. فکما أن طبیعة الانسان محفوظة فی جمیع أفراده المتفاوتة بالکمال و النقص و الصغر و الکبر، و نقص بعض الاجزاء و زیادته، مادامت الصورة الانسانیة محفوظة فی جمیع ذلک، فکذلک طبیعة الصلاة، و لعل ما ذکرناه هو المراد من الوجه الثالث المذکور فی الکفایة فی تصویر الجامع علی القول بالاعم. الا أن التمثیل لذلک بالاعلام الشخصیة مما یبعد ذلک فتدبر! و مثل هذا المعنی یمکن أن یفرض فی سائر العبادات أیضا من الصوم و الحج و نحوهما.
و أما ما فی الکفایة : من تصویر المسمی بلفظ الصلاة مثلا "بالناهیة عن الفحشاء" و ما هو "معراج المؤمن" و نحوهما فیرد علیه: أن المتبادر من لفظ الصلاة لیس هذا السنخ من المعانی و الاثار، کیف ! و لو کان لفظ الصلاة موضوعا لعنوان الناهی عن الفحشاء مثلا لصار قوله تعالی: (ان الصلاة تنهی عن الفحشاء والمنکر) سورة العنکبوت / الایة 45. بمنزلة أن یقول: الذی ینهی عن الفحشاء و المنکر ینهی عن الفحشاء و المنکر! و هذا واضح الفساد.
جریان البرائة و الاشتغال:
ثم انه أشار هنا فی الکفایة الی مسألة البراءة و الاشتغال فی الاقل و الاکثر الارتباطیین فالاولی أن نتعرض لها بمقدار یناسب المقام، فنقول:
ان المولی و ان کان یلاحظ حین الامر بالمرکب مجموع الاجزاء بالاسر شیئا واحدا، و یعتبرها