الثانی: أن حصول العلم للجاهل بالوضع و المستعلم له یتوقف علی التبادر، و یراد به التبادر عندالعالمین بالوضع، لالدی هذا الشخص المستعلم، هذا، و یمکن أن یستشکل علی جعل التبادر علامة للوضع هنا: هل ان المراد بالوضع هنا خصوص التعیینی منه أو الاعم منه و من التعینی ؟ فان أرید خصوص التعیینی لم یکن التبادر علامة له؛ اذ لایحرز به خصوصه، و ان أرید الاعم قلنا: انه عین التبادر؛ اذ لامعنی للوضع الجامع لقسمیه الا کون اللفظ بحیث اذا سمع فهم منه المعنی. و هو بعینه التبادر و الدلالة الشأنیة، کما عرفت فی مبحث الوضع.أقول: یمکن أن یقال ان التبادر عبارة عن انسباق المعنی من اللفظ، و لایمکن هذا الانسباق الالسبق خصوصیة بین اللفظ و المعنی، تکون بمنزلة العلة للانسباق الفعلی، و هی أنس اللفظ بالمعنی و العلقة الحاصلة بینهما المعبر عنها بالدلالة الشأنیة . و ان أبیت وجود الخصوصیة بین اللفظ و المعنی اعتبارا، و تحاشیت عنه، فلا أقل من وجود أنس و حالة فی ذهن المخاطب سابقا علی سماع هذا الاستعمال، وبسببه یتحقق الانسباق الفعلی، فالتبادر عبارة عن الانسباق الفعلی، و الوضع أمر سابق علیه، یکون بمنزلة العلة لهذا الانسباق فافهم ح ع - م.
و بالجملة : فیتحد الوضع و الدلالة و التبادر، و لیس الوضع بمعناه الجامع أمرا وراء التبادر حتی یصیر علامة له، فافهم !
العلامة الثانیة من علائم الحقیقة : عدم صحة السلب، و بعبارة أخری صحة الحمل، کما أن صحة السلب علامة المجازیة ؛ و حیث ان کلا من الحمل و السلب یتوقف علی موضوع و محمول تصدی المحقق القمی (قدس سره) لبیانهما بما حاصله: ان المحمول المسلوب فی علامة المجاز جمیع المعانی الحقیقیة، بمعنی أن صحة سلب جمیع المعانی الحقیقیة عن المستعمل فیه فعلا علامة المجازیة، و المحمول المثبت للموضوع فی علامة الحقیقة واحد من المعانی الحقیقیة لاجمیعها "انتهی". و کان الداعی الی هذا التفکیک هو عدم ورود النقض فی اللفظ المشترک . و لایخفی أن تقریر العلامتین بهذا النحو لایخلو من الفساد؛ اذ بعد احراز جمیع المعانی الحقیقیة لایبقی شک حتی یجعل لنا علامة . و لاجل الفرار من هذا الاشکال ذکر شیخنا الاستاذ "طاب ثراه" فی الکفایة تقریبا آخر و حاصله - بتوضیح منا - : ان الموضوع فی القضیة هو المعنی الذی أرید بیان حاله، و المحمول عبارة عن نفس اللفظ لابما أنه صوت من الاصوات، بل بما أنه مندک فیما وضع له و فان فیه و مراة له. و بعبارة أخری بما أنه یعد من مراتب وجود المعنی؛ و لاجل ذلک یعبر عنه بالوجود اللفظی. و صحة حمل اللفظ بهذا اللحاظ علی المعنی الذی أرید بیان حاله بالحمل الاولی علامة کونه عین الموضوع له، و بالحمل الشائع علامة کونه من أفراده. و کذلک فی طرف