صفحه ۲۸۰

معنی الصحة و الفساد:

اختلفوا فی أن النهی المتعلق بالعبادات أو المعاملات یدل علی فسادها (کما عبر به بعض)؛ أو یقتضی فسادها (کما عبر به بعض آخر) أولا؟

و قد أطنب المتاخرون فی المسالة بتکثیر مقدماتها من دون أن ینقحوا محط النظر فیها، و نحن نکتفی بذکر مقدمة واحدة، ثم نشرع فی تحقیق أصل المقصود.

أما المقدمة : ففی بیان معنی الصحة و الفساد، فنقول: الصحة (کما عرفت فی مبحث الصحیح و الاعم) عبارة عن کون الموجود، بحیث ینطبق علیه العنوان المترقب منه، و الفساد عبارة عن کونه بحیث لا ینطبق علیه ذلک، فهما وصفان للموجودات لا للعناوین، و لکن اتصاف الموجودات بهما انما هو باضافتها الی العناوین التی أوجدت هذه الموجودات بترقب انطباقها علیها.

بیان ذلک : أنه یظهر باستقراء موارد اطلاق هذین اللفظین أن بعض الموجودات یتصف عرفا بالصحة، و بعضها یتصف بالفساد، کما أن بعضها لا یتصف بشئ منهما، سواء فی ذلک الموجودات الخارجیة الحقیقیة و الموجودات المتحققة فی وعاء الاعتبار. فالادویة المستعملة لعلاج الامراض مثلا، و کذا العقود المسببیة الموجدة فی عالم الاعتبار قد تتصف عرفا بالصحة، و قد تتصف بالفساد، و کذلک العمل الخارجی الصادر عن المکلف بترقب کونه مصداقا للصلاة أو الحج أو نحوهما، قد یتصف بهذا و قد یتصف بذاک، فاذا تاملنا فی احراز ما هو الموصوف بهما وجدنا أن الموصوف بهما نفس الموجود و المصداق لا العنوان المنطبق علیه، فنفس العمل الخارجی الصادر عن المکلف بترقب کونه منطبقا لعنوان الصلاة المامور بها قد یتصف بالصحة و قد یتصف بمقابلها، و کذلک نفس ما یوجده الانسان فی عالم الاعتبار بترقب کونه بیعا ذا أثر، و ذات الفرد الخارجی من الفاکهة أو الدواء تتصف بهما، غایة الامر أن اتصاف الموجود و الفرد بهذین الوصفین لیس

ناوبری کتاب