صفحه ۲۵۸

فی صورة وحدة الحیثیة، حیث أثبتنا فیها امتناع أن تنقدح فی نفسه ارادة البعث و الزجر معا بالنسبة الیها، و أما ناحیة المتعلق فلایلزم فیها محذور أصلا، اذ المحذور المتوهم فیها هو التضاد، و قد عرفت أن الاحکام لیست من عوارض متعلقاتها، حتی یلزم فی ناحیتها التضاد، بل هی من عوارض المکلف (بالکسر) لقیامها به قیاما صدوریا، و بعد قطع النظر عن ناحیة المتعلق و الرجوع الی ناحیة المولی و جهة انتسابها الیه، یظهر لنا الفرق الواضح بین صدور البعث و الزجر عنه معا متعلقین بحیثیة واحدة، و بین صدورهما عنه متعلقین بحیثیتین یمکن تفکیکهما خارجا، و ان أمکن تصادقهما أیضا. و العقل یحکم باستحالة الاول بالبداهة و لایری وجها لامتناع الثانی.

فان قلت: المجمع من حیث کونه مصداقا للحیثیة المأمور بها متعلق للامر، و من حیث کونه مصداقا للحیثیة المنهی عنها متعلق للنهی، فیلزم علی القول بالجواز کونه بوحدته متعلقا للامر و النهی معا، و هذا عین ما سلمت استحالته (أعنی توجه البعث و الزجر معا مع وحدة للمکلف و المکلف و المکلف به و زمان الامتثال).

قلت: الامر انما یکون لتحریک الداعی نحو ایجاد متعلقه، و النهی لتحریک الداعی نحو ترکه و الانزجار عنه، فلایعقل تعلقهما بالوجود الخارجی، بل الخارجیة موجبة لسقوطهما من جهة حصول الامتثال أو العصیان، و لو سلم فلانسلم کون الوجود الخارجی بشراشره مبعوثا الیه و مزجورا عنه، بل المبعوث الیه نفس الحیثیة الصلاتیة مثلا، و المزجور عنه نفس الحیثیة الغصبیة، من دون أن یکون للبعث سرایة الی متعلق الزجر أو بالعکس. و السر فی ذلک أن الامر و النهی تابعان للارادة و الکراهة التابعتین للحب و البغض، التابعین لادراک المصلحة و المفسدة، فمتعلق الحب مثلا نفس الحیثیة التی أدرک العقل مصلحتها، و متعلق الارادة و کذا البعث نفس الحیثیة المحبوبة، و لاسرایة لهما الی الحیثیة المبغوضة، و الاالی سائر الحیثیات المتحدة مع ما تعلق به الحب و اشتمل علی المصلحة، کیف ! و الحیثیات المتحدة معها لادخالة لها فی الغرض الداعی الی الامر، فیلزم من اسراء البعث و الوجوب الیها الجزاف، الذی لایرتکبه الموالی المجازیون فضلا عن مولی الموالی جل جلاله. هذا حال الامر، و کذلک الکلام فی طرف النهی، فان المتعلق للزجر و الکراهة و البغض نفس الحیثیة التی أدرک مفسدتها.

و بعبارة أخری: الامر انما یکون للتسبب به الی ایجاد ذی المصلحة، و النهی انما یکون للتسبب به الی ترک ذی المفسدة، فلایعقل تعلقهما بغیر ما اشتمل علی المصلحة أو المفسدة من الحیثیات المتحدة معه.

ناوبری کتاب