صفحه ۲۵۶

أقول: تضاد الاحکام من الامور المشهورة بینهم، و ملاحظة کلماتهم تشهد بکونه من المسلمات عندهم، و لذلک تری المجوزین یحومون حول تکثیر متعلق الامر و النهی، حتی ترتفع به غائلة التضاد، و المانعون قد جعلوا تمام همهم مصروفا فی اثبات توحید المتعلق بالنسبة الی المجمع، حتی یلزم فیه اجتماع الضدین، و بالجملة : تضاد الاحکام الخمسة من المسلمات عندهم.

و لکن التحقیق خلافه، فان الوجوب و الحرمة و غیرهما من الاحکام لیست من العوارض العارضة لفعل المکلف (بالفتح) بل هی بحسب الحقیقة من عوارض المکلف (بالکسر)؛ لقیامها به قیاما صدوریا، غایة الامر أن لها نحو اضافة أیضا الی المتعلق، و لکن لیس کل اضافة مساوقا للعروض.

توضیح ذلک : أنک قد عرفت سابقا أن کلا من البعث و الزجر یتقوم بثلاث اضافات، و لا یعقل تحققهما بدونها: اضافة الی المکلف (بالکسر)؛ و اضافة الی المکلف (بالفتح)، و اضافة ثالثة الی المکلف به (أعنی الفعل)، فباعتبار اضافتهما الی المکلف (بالکسر) یحمل علیه الامر و الناهی و الباعث و الزاجر و أمثال هذه العناوین المنتزعة عنه باعتبار صدور البعث أو الزجر عنه، و باعتبار اضافتهما الی المکلف (بالفتح) یحمل علیه المأمور و المبعوث أو المنهی والمزجور، و باعتبار اضافتهما الی المکلف به یحمل علیه الواجب و المأمور به أو الحرام والمنهی عنه و نحو ذلک، و أنحاء هذه الاضافات مختلفة ؛ فان اضافتهما الی المکلف (بالکسر) انما هی بصدورهما عنه وقیامهما به قیام العرض بمعروضه، کسائر الافعال القائمة بفواعلها، و أما اضافتهما الی المکلف (بالفتح) و الی المکلف به فلیست من هذا القبیل؛ لعدم کونهما مما یعرض علیهما خارجا، و عدم کونهما موضوعین لهما، بداهة أن العرض الواحد لیس له الا موضوع واحد، فاضافة البعث أو الزجر الی المکلف به مثلا؛ و ان کانت مصححة لانتزاع مفهوم الواجب أو الحرام عنه، و لکنه لیس من جهة کون الوجوب أو الحرمة عرضا للمکلف به؛ اذ لیس المصحح لانتزاع العناوین منحصرا فی العروض، ألاتری أن العلم الذی هو من الصفات النفسانیة، له نحو اضافة الی المعلوم بالعرض الذی هو أمر خارجی، مع أنه لیس من عوارضه بالبداهة ؛ اذ المعلوم بالعرض قد یکون أمرا مستقبلا معدوما حین العلم، و لایصح قیام الموجود بالمعدوم، فالبعث و الزجر أیضا مثل العلم فی أن لهما أیضا نحو اضافة الی فعل المکلف، وباعتبارها تنتزع عنه العناوین، و لکنهما لیسا من عوارضه، کیف ! و لو کانا من عوارضه لم یعقل تحقق العصیان أبدا، فانه متوقف علی ثبوت البعث و الزجر، و لو کان البعث و الزجر من عوارض الفعل الخارجی توقف تحققهما علی ثبوت الفعل فی

ناوبری کتاب