صفحه ۲۴

توجد بوسیلته أصوات موزونة، یخالف بعضها بعضا، بحیث تتولد منه الحروف أولا، و تتولد منها الکلمات، بسبب الترکیب ثانیا. فلأجل ذلک اختار البشر هذا الامر الطبیعی و جعله وسیلة لافهام مقاصده، بالوضع و المواضعة . و حیث ان الوضع کان لرفع الاحتیاجات، و کانت الحوائج مختلفة والمقاصد متفاوتة، فلامحالة لاحظ الواضع حین وضعه أنواع المقاصد و أصناف المفاهیم و الانحاء المتصورة لالقائها و افهامها، ثم وضع الالفاظ بمقدار تنسد به جمیع طرق الحاجة .

و بالجملة : فالواضع حین الوضع لاحظ أنواع احتیاجات المتکلمین، فرأی أنهم ربما یحتاجون الی القاء المفاهیم المستقلة المتشتتة فی حد ذاتها؛ و ربما یحتاجون الی القاء المعانی الربطیة الاندکاکیة، و أنهم قد یقصدون اعلام المعنی و افهامه بوسیلة اللفظ، و قد یقصدون ایجاده بوسیلته، و فی اعلام المعانی الربطیة ربما یکون داعیهم الی اعلامها تصور المخاطب ایاها، و قد یکون داعیهم تصدیقه بوقوعها؛ فوصع دائرة وضعه بمقدار یفی بتلک الحوائج.

و زبدة أقسام اللفظ بحسب أنواع المعانی و أنحاء الاستعمالات المتصورة خمسة أقسام.

بیان ذلک : أن استعمال المتکلم للفظ و طلبه عمل اللفظ فی المعنی:

تارة یکون بنحو الاعلام و الافهام، و هذا انما یکون فیما اذا فرض للمعنی مع قطع النظر عن هذا الاستعمال الخاص نفس آمریة ما، فارید باستعمال اللفظ فیه افهام المخاطب ایاه، حتی یتصوره أو یصدق بوقوعه.

و تارة یکون بنحو الایجاد، بحیث یکون صدور اللفظ عن اللافظ آلة لایجاده، و هذا انما یتصور فیما اذا کان المعنی من الامور الاعتباریة، التی أمر ایجادها بید المتلکم.

أما القسم الاول، أعنی المعنی الذی کان عمل للفظ فیه عملا افهامیا، فهو علی نوعین: اذ المعنی الافهامی اما أن یکون من المفاهیم المستقلة ؛ و اما أن یکون من المفاهیم الربطیة الاندکاکیة .

أما النوع الاول فکمفهوم الرجل و الضرب و نحوهما من المفاهیم المستقلة غیر المرتبطة، و تسمی هذه المفاهیم بالمعانی الاسمیة، و تکون الاسماء موضوعة بازائها. و لامحالة یکون عمل اللفظ فیها عملا افهامیا تصوریا، حیث ان مقصود المتلکم من ذکر اللفظ فیها، هو أن یفهم المخاطب معناه و یتصوره بنحو الاستقلال.

و أما النوع الثانی فکالمعانی الحرفیة، و النسب الاضافیة و الایقاعیة، و قد وضع بازاء هذا النوع من المعانی ألفاظ الحروف و الهیئات. و هذا النوع من المعانی أیضا ینقسم الی صنفین: فان عمل اللفظ فی المفهوم الاندکاکی اما أن یکون بنحو الافهام و الاعلام التصوری بأن یرید المتلکم

ناوبری کتاب