و بالجملة : متعلق الحکم أمر وحدانی، لاتکثر له فی ذاته بوجه من الوجوه، غایة الامر أن امتثال المکلف لهذا الحکم انما هو باتیان فرد من هذه الطبیعة المأمور بها، و الفرد عبارة عن الطبیعة المتخصصة بالخصوصیات، و لکن الاتیان به محقق للامتثال لابما أنه اتیان بالفرد المتخصص، بل بما انه اتیان بأصل الطبیعة المأمور بها بحیث لو أمکنه - علی فرض المحال - اتیانها مجردة من جمیع الخصوصیات الفردیة لوقعت مصداقا للامتثال.
و بعبارة أخری: متعلق الامر نفس حیثیة الطبیعة الکلیة، و تستحیل سرایته الی ما لا دخل له فی الغرض من الخصوصیات الفردیة، و امتثال هذا الامر انما هو باتیان نفس الطبیعة، غایة الامر أن اتیانها باتیان واحد من الافراد، لکن الفرد المأتی به لایقع مصداقا للامتثال بجمیع خصوصیاته، بل بجهة أصل حیثیة الطبیعة المتحققة به.
ففیما نحن فیه قد تعلق الامر الموسع، أعنی الامر الصلاتی مثلا بنفس طبیعة الصلاة المقیدة بوجودها بین الحدین، من دون أن یلاحظ المولی واحدة من الخصوصیات المفردة، - من الوقوع فی الان الاول أو الان الثانی مثلا -، أو یلاحظ اطلاقها بالنسبة الی جمیع الافراد المتصورة لها من جهة سعة وقتها؛ و ان أتی بها العبد فی الان الاول مثلا فقد امتثل امر المولی و یکون اتیانها اتیانا بالطبیعة المأمور بها، لابما أنه اتیان بالصلاة فی هذا الان؛ بل بما أنه اتیان بما هو المأمور به، أعنی الصلاة الواقعة بین الحدین؛ و کذلک ان أتی بها فی الان الثانی أو الثالث الی آخر الوقت، و لیس الامر متعلقا بالصلاة الواقعة فی الان الاول مثلا، حتی یقال بمزاحمته للامر المتعلق فی هذا الزمان بالازالة، بل الامر قد تعلق بنفس الطبیعة الکلیة المقیدة بوقوعها بین الحدین اعنی من الظهر الی الغروب، و هذا الامر لایطارد الامر المتعلق بالازالة بوجه من الوجوه؛ لقدرة المکلف علی امتثال کلیهما، و لاتشترط القدرة علی اتیان الفرد الاول لانه لیس مأمورا به، و انما تشترط القدرة علی ما هو المأمور به أعنی الطبیعة المقیدة بوقوعها بین الحدین، و هی مقدورة بالقدرة علی بعض مصادیقها.
لیس فی التشریع جزاف:
و بتقریر آخر: الاوامر الشرعیة لیست جزافیة، حتی تتعلق بأی شئ، و انما تتعلق هی بما یکون مشتملا علی المصالح المنظورة و الاغراض الملحوظة، و لاتتعلق أبدا بما لادخالة له فی الغرض الباعث علی الامر، و حینئذ فقد یکون المشتمل علی