صفحه ۲۱

الصدور و الابتدائیة و الانتهائیة، کما تتصور ماهیة السیر، و ذات الفاعل، و البلدتان، و یقال فی مقام حکایتها: السیر - الصدور - أنا - الابتداء - البصرة - الانتهاء - الکوفة . فیکون الموجود فی الذهن فی هذا اللحاظ سبعة معان مستقلة متفرقة، لاربط بینها أصلا، یعبر عنها بسبعة ألفاظ غیر مرتبطة، فما کان بحسب اللحاظ الاول رابطة بالحمل الشائع یصیر بحسب اللحاظ الثانی مفهوما مستقلا یحتاج فی ارتباطه بالغیر الی رابط، فیقال مثلا: ابتدأت من البصرة أو یقال: ابتداء السیر البصرة، فیرتبط مفهوم الابتدائیة بغیره بوسیلة کلمة "من" أو بهیئة الاضافة .

والحاصل: أن عالم الذهن و التصور لما کان أوسع من عالم الخارج و التحقق، فیمکن أن یوجد فیه نقش الخارج من دون تفاوت، فتکون المعانی مرتبطة فیه بحقیقة الارتباط علی وزان ما فی الخارج، و یمکن أیضا أن یوجد فیه ما کان بحسب اللحاظ الاول حقیقة ربطیة مندکة، بنحو الاستقلال فی قبال سائر المعانی المستقلة .

اذا عرفت هذا فنقول: المعنی الحرفی عبارة عن المفهوم الاندکاکی الذی به یحصل الربط بین المفاهیم المستقلة، و یکون بحسب اللحاظ من خصوصیات المفاهیم المستقلة، و المعنی الاسمی عبارة عن المفاهیم المستقلة المتفرقة فی حد ذاتها.

و بعبارة اخری: حقیقة الارتباط و التخصص المتحقق فی الخارج بنحو الفناء و الاندکاک فی الطرفین، ان وجدت فی الذهن علی وزان وجودها الخارجی یکون معنی أداتیا، و ان انتزع عنها مفهوم مستقل ملحوظ بحیاله فی قبال مفهومی الطرفین یصیرا مفهوما اسمیا. فلفظ الابتداء مثلا موضوع لمفهوم الابتدائیة المنتزعة عن الطرفین، والملحوظة بحیالها فی قبال الطرفین، بحیث صار بنفسه طرفا یحتاج الی الربط، و لفظة "من" موضوعة لحقیقة الارتباط الابتدائی التی توجد فی الذهن، بنحو الاندکاک فی الطرفین، کما فی الخارج، و بها یحصل الربط بینهما.

و بهذا البیان ظهر: أن الفرق بین المعنی الحرفی و المفهوم الاسمی فرق جوهری ذاتی و أنهما سنخان من المعنی، وضع لاحدهما الاسم، و للاخر الحرف.

ما هو الموضوع له فی الحروف ؟:

و ظهر أیضا: أن الموضوع له فی الحروف لایعقل أن یکون عاما، لما عرفت من أن الموضوع له لکلمة "من" مثلا، لیس هو مفهوم الابتدائیة الذی هو معنی کلی، بل هو حقیقة الارتباط الابتدائی الخاص المندک فی الطرفین.

ناوبری کتاب